عنه فاعتزلوا جميعا غير رجلين ثم قال يا ارض خذيهم فأخذتهم إلى الركب ثم قال خذيهم فأخذتهم إلى الأوساط ثم قال خذيهم فأخذتهم إلى الأعناق وهم يناشدونه عليه الصلاة والسلام بالله تعالى وبالرحم وهو لا يلتفت إليهم لشدة غيظه ثم قال خذيهم فانطبقت عليهم فأصبحت بنو إسرائيل يتناجون بينهم انما دعا عليه موسى عليه الصلاة والسلام ليستبد بداره وكنوزه فدعا الله تعالى حتى خسف بداره وأمواله «فما كان له من فئة» جماعة مشفقة «ينصرونه من دون الله» بدفع العذاب عنه «وما كان من المنتصرين» أي الممتنعين منه بوجه من الوجوه يقال نصره من عدوه فانتصر أي منعه فامتنع «وأصبح الذين تمنوا مكانه» منزلته «بالأمس» منذ زمان قريب «يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر» أي يفعل كل واحد من البسط والقدر بمحض مشيئته لا لكرامة توجب البسط ولا لهوان يقتضى القبض وويكأن عند البصريين مركب من وى للتعجيب وكان للتشبيه والمعنى ما أشبه الامر ان الله يبسط الخ وعند الكوفيين من ويك بمعنى ويلك وان وتقديره ويك اعلم ان الله وانما يستعمل عند التنبه على الخطأ والتندم والمعنى انهم قد تنبهوا على خطئهم في تمنيهم وتندموا على ذلك «لولا أن من الله علينا» بعدم اعطائه إيانا ما تمنيناه وإعطائنا مثل ما أعطاه إياه وقرئ لولا من الله علينا «لخسف بنا» كما خسف به وقرئ لخسف بنا على البناء للمفعول وبنا هو القائم مقام الفاعل وقرئ لا تخسف بنا كقولك انقطع به وقرئ لتخسف بنا «ويكأنه لا يفلح الكافرون» لنعمة الله تعالى أو المكذبون برسله وبما وعدوا من ثواب الآخرة «تلك الدار الآخرة» إشارة تعظيم وتفخيم كأنه قيل تلك التي سمعت خبرها وبلغك وصفها «نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض» أي غلبة وتسلطا «ولا فسادا» أي ظلما وعدوانا على العباد كدأب فرعون وقارون وفي تعليق الموعد بترك ارادتهما لا بترك أنفسهما مزيد تحذير منهما وعن على رضى الله عنه ان الرجل ليعجبه ان يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه فيدخل تحتها «والعاقبة» الحميدة «للمتقين» أي الذين يتقون مالا يرضاه الله تعالى من الافعال والأقوال «من جاء بالحسنة فله» بمقابلتها «خير منها» ذاتا ووصفا وقدرا «ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات» وضع فيه الموصول والظاهر موضع الضمير لتهجين حالهم بتكرير اسناد السيئة إليهم «إلا ما كانوا يعملون» أي الا مثل ما كانوا يعملون فحذف المثل وأقيم مقامه ما كانوا يعملون مبالغة في المماثلة
(٢٧)