ثم قال - والله لا أدخلها أبدا دمت حيا ولا يصيبني منها قطرة " ذكره الماوردي. وخرج ابن المبارك من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لسرادق النار أربع جدر كثف كل جدار مسيرة أربعين سنة ". وخرجه أبو عيسى الترمذي، وقال فيه: حديث حسن صحيح غريب.
قلت: وهذا يدل على أن السرادق ما يعلو الكفار من دخان أو نار، وجدره ما وصف.
قوله تعالى: (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه) قال ابن عباس:
المهل ماء غليظ مثل دردى الزيت. مجاهد: القيح والدم. الضحاك: ماء أسود، وإن جهنم لسوداء، وماؤها أسود وشجرها أسود وأهلها سود. وقال أبو عبيدة: هو كل ما أذيب من جواهر الأرض من حديد ورصاص ونحاس وقصدير، فتموج بالغليان، فذلك المهل.
ونحوه عن ابن مسعود قال سعيد بن جبير: هو الذي قد انتهى حره. وقال: المهل ضرب من القطران، يقال: مهلت البعير فهو ممهول. وفيل: هو السم. والمعنى في هذه الأقوال متقارب. وفى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله " كالمهل " قال: " كعكر الزيت فإذا قربه إلى وجهه سقطت فروة وجهه " قال أبو عيسى: هذا حديث إنما نعرفه من حديث رشدين بن سعد ورشدين قد تكلم فيه من قبل حفظه. وخرج عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: " ويسقى من ماء صديد يتجرعه (3) " قال: " يقرب إلى فيه فيكرهه فإذا أدنى منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه إذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره.
يقول الله تعالى " وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم (4) " يقول " وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا " قال: حديث غريب.
قلت: وهذا يدل على صحة تلك الأقوال، وأنها مرادة، والله أعلم. وكذلك نص عليها أهل اللغة. في الصحاح " المهل " النحاس المذاب. ابن الأعرابي: المهل المذاب من