" ذرية " مفعولا ثانيا ل " تتخذوا "، ويكون قوله: " وكيلا " يراد به الجمع فيسوغ ذلك في القراءتين جميعا أعني الياء والتاء في " تتخذوا ". ويجوز أيضا في القراءتين جميعا أن يكون " ذرية " بدلا من قوله " وكيلا " لأنه بمعنى الجمع، فكأنه قال: لا تتخذوا ذرية من حملنا مع نوح. ويجوز نصبها بإضمار أعني وأمدح، والعرب قد تنصب على المدح والذم. ويجوز رفعها على البدل من المضمر في " تتخذوا " في قراءة من قرأ بالياء، ولا يحسن ذلك لمن قرأ بالتاء لان المخاطب لا يبدل منه الغائب. ويجوز جرها على البدل من بني إسرائيل في الوجهين فأما " أن " من قوله: " ألا تتخذوا " فهي على قراءة من قرأ بالياء في موضع نصب بحذف الجار، التقدير: هديناهم لئلا يتخذوا. ويصلح على قراءة التاء أن تكون زائدة والقول مضمر كما تقدم. ويصلح أن تكون مفسرة بمعنى أي، لا موضع لها من الاعراب، وتكون " لا " للنهي فيكون خروجا من الخبر إلى النهى.
قوله تعالى: وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا (4) قوله تعالى: (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب) وقرأ سعيد بن جبير وأبو العالية " في الكتب " على لفظ الجمع. وقد يرد لفظ الواحد ويكون معناه الجمع، فتكون القراءتان بمعنى واحد. ومعنى " قضينا " أعلمنا وأخبرنا، قاله ابن عباس: وقال قتادة: حكمنا، وأصل القضاء الاحكام للشئ والفراغ منه، وقيل: قضينا أوحينا، ولذلك قال: " إلى بني إسرائيل ". وعلى قول قتادة يكون " إلى " بمعنى على، أي قضينا عليهم وحكمنا. وقاله ابن عباس أيضا. والمعنى بالكتاب اللوح المحفوظ. (لتفسدن) وقرأ ابن عباس " لتفسدن ".
عيسى الثقفي " لتفسدن ". والمعنى في القراءتين قريب، لأنهم إذا أفسدوا فسدوا، والمراد بالفساد مخالفة أحكام التوراة. (في الأرض) يريد أرض الشام وبيت المقدس وما والاها.
(مرتين ولتعلن) اللام في " لتفسدن ولتعلن " لام قسم مضمر كما تقدم. (علوا كبير) أراد التكبر والبغي والطغيان والاستطالة والغلبة والعدوان.