ومنه قول الشاعر (1):
فلو أن نفسي طاوعتني لأصبحت * لها حفد ما يعد كثير ولكنها نفس على أبية * عيوف لأصهار اللئام قذور وروى زر عن عبد الله قال: الحفدة الأصهار، وقاله إبراهيم، والمعنى متقارب. قال الأصمعي:
الختن من كان من قبل المرأة، مثل أبيها وأخيها وما أشبههما، والأصهار منها جميعا. يقال:
أصهر فلان إلى بنى فلان وصاهر. وقول عبد الله هم الأختان، يحتمل المعنيين جميعا.
يحتمل أن يكون أراد أبا المرأة وما أشبهه من أقربائها، ويحتمل أن يكون أراد وجعل لكم من أزواجكم بنين وبنات تزوجونهن، فيكون لكم بسببهن أختان. وقال عكرمة: الحفدة من نفع الرجال من ولده، وأصله من حفد يحفد (بفتح العين في الماضي وكسرها في المستقبل) إذا أسرع في سيره، كما قال كثير (3):
* حفد الولائد بينهن... * البيت.
ويقال: حفدت وأحفدت، لغتان إذا خدمت. ويقال: حافد وحفد، مثل خادم وخدم، وحافد وحفدة مثل كافر وكفرة. قال المهدوي: ومن جعل الحفدة الخدم جعله منقطعا مما قبله ينوى به التقديم، كأنه قال: جعل لكم حفدة وجعل لكم من أزواجكم بنين.
قلت: ما قال الأزهري من أن الحفدة أولاد الأولاد هو ظاهر القرآن بل نصه، ألا ترى أنه قال: " وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة " فجعل الحفدة والبنين منهن.
وقال ابن العربي: الأظهر عندي في قوله " بنين وحفدة " أن البنين أولاد الرجل لصلبه والحفدة أولاد ولده، وليس في قوة اللفظ أكثر من هذا، ويكون تقدير الآية على هذا:
وجعل لكم من أزواجكم بنين ومن البنين حفدة. وقال معناه الحسن.
الثالثة - إذا فرعنا على قول مجاهد وابن عباس ومالك وعلماء اللغة في قولهم إن الحفدة الخدم والأعوان، فقد خرجت خدمة الولد والزوجة من القرآن بأبدع بيان، قاله ابن العربي