ظهر هذه الأرض من دابة من نبي ولا غيره، وهذا قول الحسن. وقال ابن مسعود وقرأ هذه الآية:
لو أخذ الله الخلائق بذنوب المذنبين لأصاب العذاب جميع الخلق حتى الجعلان (1) في حجرها، ولامسك الأمطار من السماء والنبات من الأرض فمات الدواب، ولكن الله يأخذ بالعفو والفضل، كما قال: " ويعفو عن كثير (2) " (فإذا جاء أجلهم) أي أجل موتهم ومنتهى أعمارهم. (لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) وقد تقدم (3) فإن قيل: فكيف يعم بالهلاك مع أن فيهم مؤمنا ليس بظالم؟ قيل: يجعل هلاك الظالم انتقاما وجزاء، وهلاك المؤمن معوضا بثواب الآخرة. وفى صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا أراد الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على نياتهم (4) ".
وعن أم سلمة وسئلت عن الجيش الذي يخسف به وكان ذلك في أيام ابن الزبير، فقالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يعوذ بالبيت عائذ فيبعث إليه بعث فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم " فقلت: يا رسول الله، فكيف بمن كان كارها؟ قال: " يخسف به معهم ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته ". وقد أتينا على هذا المعنى مجودا في " كتاب التذكرة " وتقدم في المائدة وآخر الانعام (5) ما فيه كفاية، والحمد لله. وقيل: (فإذا جاء أجلهم) أي فإذا جاء يوم القيامة. والله أعلم.
قوله تعالى: ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون (26) قوله تعالى: (ويجعلون لله ما يكرهون) أي من البنات. (وتصف ألسنتهم الكذب) أي وتقول ألسنتهم الكذب. (أن لهم الحسنى) قال مجاهد: هو قولهم أن لهم البنين ولله البنات. " الكذب " مفعول " تصف " و " أن " في محل نصب بدل من الكذب، لأنه