التاسعة - وجمهور العلماء على أن مسحة واحدة موعبة كاملة تجزئ. وقال الشافعي:
يمسح رأسه ثلاثا، وروى عن أنس وسعيد بن جبير وعطاء. وكان ابن سيرين يمسح مرتين.
قال أبو داود: وأحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على أن مسح الرأس مرة، فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثا، قالوا فيها: ومسح برأسه ولم يذكروا عددا.
العاشرة - واختلفوا من أين يبدأ بمسحه، فقال مالك: يبدأ بمقدم رأسه، ثم يذهب بيديه إلى مؤخره، ثم يردهما إلى مقدمه، على حديث عبد الله بن زيد أخرجه مسلم، وبه يقول الشافعي وابن حنبل. وكان الحسن بن حي يقول: يبدأ بمؤخر الرأس، على حديث الربيع بنت معوذ بن عفراء، وهو حديث يختلف في ألفاظه، وهو يدور على عبد الله بن محمد ابن عقيل وليس بالحافظ عندهم، أخرجه أبو داود من رواية بشر بن المفضل عن عبد الله عن الربيع، وروي ابن عجلان عنه عن الربيع: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ عندنا فمسح الرأس كله من قرن الشعر كل ناحية بمنصب الشعر، لا يحرك الشعر عن هيئته، ورويت هذه الصفة (1) عن ابن عمر، وأنه كان يبدأ من وسط رأسه. وأصح ما في هذا الباب حديث عبد الله ابن زيد، وكل من أجاز بعض الرأس فإنما يرى ذلك البعض في مقدم الرأس. وروي عن إبراهيم والشعبي [أنهما] (2) قالا: أي نواحي رأسك مسحت أجزأ عنك. ومسح عمر اليافوخ فقط.
والاجماع منعقد على استحسان المسح باليدين معا، وعلى الاجزاء إن مسح بيد واحدة.
واختلف فيمن مسح بإصبع واحدة حتى عم ما يرى أنه يجزئه من الرأس، فالمشهور أن ذلك يجزئ، وهو قول سفيان الثوري، قال سفيان: إن مسح رأسه بإصبع واحدة أجزأه. وقيل:
إن ذلك لا يجزئ، لأنه خروج عن سنة المسح وكأنه لعب، إلا أن يكون ذلك عن ضرورة مرض فينبغي ألا يختلف في الاجزاء. قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: لا يجزئ مسح الرأس بأقل من ثلاث أصابع، واختلفوا في رد اليدين على شعر الرأس هل هو فرض أو سنة - بعد الاجماع على أن المسحة الأولى فرض بالقرآن - فالجمهور على أنه سنة. وقيل: هو فرض.