الظالمين (107) ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمن بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدى القوم الفاسقين (108) فيه سبع وعشرون مسألة:
الأولى - قال مكي - رحمه الله -: هذه الآيات الثلاث عند أهل المعاني من أشكل ما في القرآن إعرابا ومعنى وحكما، قال ابن عطية: هذا كلام من لم يقع له الثلج (1) في تفسيرها، وذلك بين من كتابه رحمه الله.
قلت: ما ذكره مكي - رحمه الله - ذكره أبو جعفر النحاس قبله أيضا، ولا أعلم خلافا أن هذه الآيات نزلت بسبب تميم الداري وعدي بن بداء. روى البخاري والدارقطني وغيرهما عن ابن عباس قال: كان تميم الداري وعدي [بن بداء] (2) يختلفان إلى مكة، فخرج معهما فتى من بني سهم فتوفي بأرض ليس بها مسلم، فأوصى إليهما، فدفعا تركته إلى أهله وحبسا جاما (3) من فضة مخوصا بالذهب،؟؟ فاستحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما كتمتما ولا اطلعتما) ثم وجد الجام بمكة فقالوا: اشتريناه من عدي وتميم، فجاء رجلان من ورثة السهمي فحلفا أن هذا الجام للسهمي، ولشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا، قال: فأخذوا الجام، وفيهم نزلت هذه الآية. لفظ الدارقطني. وروى الترمذي عن تميم الداري في هذه الآية " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم " برئ منها الناس غيري وغير عدي بن بداء - وكانا نصرانيين يختلفان إلى الشام قبل الاسلام، فأتيا الشام بتجارتهما، وقدم عليهما مولى لبني سهم يقال له: بديل ابن أبي مريم بتجارة، ومعه جام من فضة يريد به الملك، وهو عظم تجارته، فمرض فأوصى إليهما، وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله، قال تميم: فلما مات أخذنا ذلك الجام فبعناه بألف درهم ثم