وشريح. ودليلنا عليهم ما ذكرناه من تمادي التحريم في الاحرام، وتوجه الخطاب عليه في دين الاسلام.
الثانية عشرة - قوله تعالى: (فجزاء مثل ما قتل من النعم) فيه أربع قراءات، " فجزاء مثل " برفع جزاء وتنوينه، و " مثل " على الصفة، والخبر مضمر، التقدير فعليه جزاء مماثل واجب أو لازم من النعم. وهذه القراءة تقتضي أن يكون المثل هو الجزاء بعينه.
و " جزاء " بالرفع غير منون و " مثل " بالإضافة أي فعليه جزاء مثل ما قتل، و " مثل " مقحمة كقولك أنا أكرم مثلك، وأنت تقصد أنا أكرمك. ونظير هذا قوله تعالى: " أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات " (1) [الانعام: 122] التقدير كمن هو في الظلمات، وقوله " ليس كمثله شئ " (2) [الشورى: 11] أي ليس كهو شئ (3). وهذه القراءة تقتضي أن يكون الجزاء غير المثل، إذ الشئ لا يضاف إلى نفسه. وقال أبو علي: إنما يجب عليه جزاء المقتول، لا جزاء مثل المقتول، والإضافة توجب جزاء المثل لا جزاء المقتول. وهو قول الشافعي على ما يأتي. وقوله: " من النعم " صفة لجزاء على القراءتين جميعا. وقرأ الحسن " من النعم " بإسكان العين وهي لغة. وقرأ عبد الرحمن " فجزاء " بالرفع والتنوين " مثل " بالنصب، قال أبو الفتح: " مثل " منصوبة بنفس الجزاء، والمعنى أن يجزى مثل ما قتل. وقرأ ابن مسعود والأعمش " فجزاؤه مثل " بإظهار (هاء)، ويحتمل أن يعود على الصيد أو على الصائد القاتل.
الثالثة عشرة - الجزاء إنما يجب بقتل الصيد لا بنفس أخذه كما قال تعالى.
وفي (المدونة): من اصطاد طائرا فنتف ريشه ثم حبسه حتى نسل ريشه فطار، قال: لا جزاء عليه. [قال] (4) وكذلك لو قطع يد صيد أو رجله أو شيئا من أعضائه وسلمت نفسه وصح ولحق بالصيد فلا شئ عليه. وقيل: عليه من الجزاء بقدر ما نقصه. ولو ذهب ولم يدر ما فعل فعليه جزاؤه. ولو زمن الصيد ولم يلحق الصيد، أو تركه محوفا (5) عليه فعليه جزاؤه كاملا.