لوقوعه على الظهر (1) ونقبه عن لحومها، وقد روي عن مالك أنه قال: لا يقتل الغراب ولا الحدأة إلا أن يضرا. قال [القاضي] (2) إسماعيل: واختلف في الزنبور، فشبهه بعضهم بالحية والعقرب، قال: ولولا أن الزنبور لا يبتدئ لكان أغلظ على الناس من الحية والعقرب، ولكنه ليس في طبعه من العداء ما في الحية والعقرب، وإنما يحمي الزنبور إذا أوذي. قال:
فإذا عرض الزنبور لاحد فدفعه عن نفسه لم يكن عليه شئ في قتله، وثبت عن عمر بن الخطاب إباحة قتل الزنبور. وقال مالك: يطعم قاتله شيئا، وكذلك قال مالك فيمن قتل البرغوث والذباب والنمل ونحوه. وقال أصحاب الرأي: لا شئ على قاتل هذه كلها.
وقال أبو حنيفة: لا يقتل المحرم من السباع إلا الكلب العقور والذئب خاصة، سواء ابتدأه أو ابتدأهما، وإن قتل غيره من السباع فداه. قال: فإن ابتدأه غيرهما من السباع فقتله فلا شئ عليه، قال: ولا شئ عليه في قتل الحية والعقرب والغراب والحدأة، هذه جملة قول أبي حنيفة وأصحابه إلا زفر، وبه قال الأوزاعي والثوري والحسن، واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم خص دواب بأعيانها وأرخص للمحرم في قتلها من أجل ضررها، فلا وجه أن يزاد عليها إلا أن يجمعوا على شئ فيدخل في معناها.
قلت: العجب من أبي حنيفة رحمه الله يحمل التراب على البر بعلة الكيل، ولا يحمل السباع العادية على الكلب بعلة الفسق والعقر، كما فعل مالك والشافعي رحمهما الله! وقال زفر ابن الهذيل: لا يقتل إلا الذئب وحده، ومن قتل غيره وهو محرم فعليه الفدية، سواء ابتدأه أو لم يبتدئه، لأنه عجماء فكان فعله هدرا، وهذا رد للحديث ومخالفة له. وقال الشافعي:
كل ما لا يؤكل لحمه فللمحرم أن يقتله، وصغار ذلك وكباره سواء، إلا السمع وهو المتولد بين الذئب والضبع، قال: وليس في الرخمة والخنافس والقردان والحلم (3) وما لا يؤكل لحمه شئ، لان هذا ليس من الصيد، لقوله تعالى: " وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما " [المائدة: 96] فدل أن الصيد