ادعى شغلها فعليه الدليل. الرابع - أنه يحكم عليه في العمد والخطأ والنسيان، قاله ابن عباس وروي عن عمر وطاوس والحسن وإبراهيم والزهري، وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم. قال الزهري: وجب الجزاء في العمد بالقرآن، وفي الخطأ والنسيان بالسنة، قال ابن العربي: إن كان يريد بالسنة الآثار التي وردت عن ابن عباس وعمر فنعما هي، وما أحسنها أسوة. الخامس - أن يقتله متعمدا لقتله ناسيا لاحرامه - وهو قول مجاهد - لقوله تعالى بعد ذلك: " ومن عاد فينتقم الله منه ". قال: ولو كان ذاكرا لاحرامه لوجبت عليه العقوبة لأول مرة، قال: فدل على أنه أراد متعمدا لقتله ناسيا لاحرامه، قال مجاهد:
فإن كان ذاكرا لاحرامه فقد حل ولا حج له لارتكابه محظور إحرامه، فبطل عليه كما لو تكلم في الصلاة، أو أحدث فيها، قال: ومن أخطأ فذلك الذي يجزئه. ودليلنا على مجاهد أن الله سبحانه أوجب الجزاء ولم يذكر الفساد، ولا فرق بين أن يكون ذاكرا للاحرام أو ناسيا له، ولا يصح اعتبار الحج بالصلاة فإنهما مختلفان، وقد روي عنه أنه لا حكم عليه في قتله متعمدا، ويستغفر الله، وحجه تام، وبه قال ابن زيد. ودليلنا على داود أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الضبع فقال: [هي صيد] وجعل فيها إذا أصابها المحرم كبشا، ولم يقل عمدا ولا خطأ. وقال ابن بكير من علمائنا: قوله سبحانه: " متعمدا " لم يرد به التجاوز عن الخطأ، وإنما أراد " متعمدا " ليبين أنه ليس كابن آدم الذي لم يجعل في قتله متعمدا كفارة، وأن الصيد فيه كفارة، ولم يرد به إسقاط الجزاء في قتل الخطأ. والله أعلم.
الحادية عشرة - فإن قتله في إحرامه مرة بعد مرة حكم عليه كلما قتله في قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم، لقول الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم " فالنهي دائم مستمر عليه ما دام محرما فمتى قتله فالجزاء لأجل ذلك لازم له. وروي عن ابن عباس قال: لا يحكم عليه مرتين في الاسلام، ولا يحكم عليه إلا مرة واحدة، فإن عاد ثانية فلا يحكم عليه، ويقال له: ينتقم الله منك، لقوله تعالى: " ومن عاد فينتقم الله منه ". وبه قال الحسن وإبراهيم ومجاهد