على لحيته وجعل يقطر على صدره ثم قال: " اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين قال الله إني منزلها عليكم " الآية فنزلت سفرة حمراء مدورة بين غمامتين غمامة من فوقها وغمامة من تحتها والناس ينظرون إليها، فقال عيسى: [اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها فتنة إلهي أسألك من العجائب فتعطى] فهبطت بين يدي عيسى عليه السلام وعليها منديل مغطى فخر عيسى ساجدا والحواريون معه وهم يجدون لها رائحة طيبة ولم يكونوا يجدون [مثلها] (1) قبل ذلك فقال عيسى: [أيكم أعبد لله وأجرأ على الله وأوثق بالله فليكشف عن هذه السفرة حتى نأكل منها ونذكر اسم الله عليها ونحمد الله عليها] فقال الحواريون: يا روح الله أنت أحق بذلك فقام عيسى - صلوات الله عليه - فتوضأ وضوءا حسنا وصلى صلاة جديدة ودعا دعاء كثيرا ثم جلس إلى السفرة فكشف عنها فإذا عليها سمكة مشوية ليس فيها شوك تسيل سيلان الدسم وقد نضد حولها من كل البقول ما عدا الكراث وعند رأسها ملح وخل وعند ذنبها خمسة أرغفة على واحد منها خمس رمانات وعلى الآخر تمرات وعلى الآخر زيتون.
قال الثعلبي: على واحد منها زيتون، وعلى الثاني عسل وعلى الثالث بيض وعلى الرابع جبن وعلى الخامس قديد. فبلغ ذلك اليهود فجاءوا غما وكمدا ينظرون إليه فرأوا عجبا فقال شمعون - وهو رأس الحواريين - يا روح الله أمن طعام الدنيا أم من طعام الجنة؟ فقال عيسى صلوات الله عليه: [أما افترقتم (2) بعد عن هذه المسائل ما أخوفني أن تعذبوا]. فقال شمعون: وإله بني (3) إسرائيل ما أردت بذلك سوءا. فقالوا: يا روح الله لو كان مع هذه الآية آية أخرى قال عيسى عليه السلام: [يا سمكة أحيي بإذن الله] فاضطربت السمكة طرية تبص (4) عيناها، ففزع الحواريون فقال عيسى: [ما لي أراكم تسألون عن الشئ فإذا أعطيتموه كرهتموه ما أخوفني أن تعذبوا] وقال: [لقد نزلت من السماء وما عليها طعام من الدنيا