أو أكراها، ثم استحقها ربها أن على الغاصب كراء ما سكن ورد ما أخذ في الكراء. واختلف قوله إذا لم يسكنها أو لم يزرع الأرض وعطلها، فالمشهور من مذهبه أنه ليس عليه فيه شئ، وقد روى عنه أنه عليه كراء ذلك كله. واختاره الوقار (1)، وهو مذهب الشافعي، لقوله عليه السلام: [ليس لعرق ظالم حق] وروى أبو داود عن أبي الزبير أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: غرس أحدهما نخلا في أرض الآخر، فقضى لصاحب الأرض بأرضه، وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله منها، قال: فلقد رأيتها، وأنها لتضرب أصولها بالفؤس حتى أخرجت منها وإنها لنخل عم (2). وهذا نص. قال ابن حبيب: والحكم فيه أن يكون صاحب الأرض مخيرا على الظالم، إن شاء حبس ذلك في أرضه بقيمته مقلوعا، وإن شاء نزعه من أرضه، وأجر النزع على الغاصب. وروى الدارقطني عن عائشة قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [من بنى في رباع (3) قوم بإذنهم فله القيمة ومن بنى بغير إذنهم فله النقض] قال علماؤنا: إنما تكون له القيمة، لأنه بنى في موضع يملك منفعته. وذلك كمن بنى أو غرس بشبهة فله حق، إن شاء رب المال أن يدفع إليه قيمته قائما، وإن أبى قيل للذي بنى أو غرس: ادفع إليه قيمة أرضه براحا (4)، فإن أبى كانا شريكين. قال ابن الماجشون: وتفسير اشتراكهما أن تقوم الأرض براحا، ثم تقوم بعمارتها فما زادت قيمتها بالعمارة على قيمتها براحا كان العامل شريكا لرب الأرض فيها، إن أحبا قسما أو حبسا. قال ابن الجهم (5): فإذا دفع رب الأرض قيمة العمارة وأخذ أرضه كان له كراؤها فيما مضى من السنين. وقد روي عن ابن القاسم وغيره أنه إذا بنى رجل في أرض رجل بإذنه ثم وجب له إخراجه، فإنه يعطيه قيمة بنائه مقلوعا. والأول أصح لقوله عليه السلام: (فله القيمة) وعليه أكثر الفقهاء.
الرابعة - قوله تعالى: (ولو أعجبك كثرة الخبيث) قيل: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد أمته، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعجبه الخبيث. وقيل: المراد به النبي