عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم] قال أبو عيسى: هذا أحسن حديث في الباب، وقال النسائي: عمرو بن أبي عمرو ليس بالقوي في الحديث، وإن كان قد روى عنه مالك. فإن أكل من صيد صيد من أجله فداه. وبه قال الحسن بن صالح والأوزاعي، واختلف قول مالك فيما صيد لمحرم بعينه.
والمشهور من مذهبه عند أصحابه أن المحرم لا يأكل مما صيد لمحرم معين أو غير معين ولم يأخذ بقول عثمان لأصحابه حين أتي بلحم صيد وهو محرم: كلوا فلستم مثلي لأنه صيد من أجلي وبه قالت طائفة من أهل المدينة، وروي عن مالك. وقال أبو حنيفة وأصحابه: أكل الصيد للمحرم جائز على كل حال إذا اصطاده الحلال، سواء صيد من أجله أو لم يصد لظاهر قوله تعالى: " لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم " فحرم صيده وقتله على المحرمين، دون ما صاده غيرهم. واحتجوا بحديث البهزي - واسمه زيد بن كعب - عن النبي صلى الله عليه وسلم في حمار الوحش العقير أنه أمر أبا بكر فقسمه في الرفاق، من حديث مالك وغيره. وبحديث أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه [إنما هي طعمة أطعمكموها الله]. وهو قول عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان في رواية عنه، وأبي هريرة والزبير بن العوام ومجاهد وعطاء وسعيد بن جبير. وروي عن علي بن أبي طالب وابن عباس وابن عمر أنه لا يجوز للمحرم أكل صيد على حال من الأحوال، سواء صيد من أجله أو لم يصد، لعموم قوله تعالى:
" وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ". قال ابن عباس: هي مبهمة وبه قال طاوس وجابر ابن زيد أبو الشعثاء وروي ذلك عن الثوري وبه قال إسحاق. واحتجوا بحديث الصعب ابن جثامة الليثي، أنه أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا، وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فلما أن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهي قال: [إنا لم نرده عليك إلا إنا حرم] خرجه الأئمة واللفظ لمالك.
قال أبو عمر: وروى ابن عباس من حديث سعيد بن جبير ومقسم وعطاء وطاوس عنه، أن الصعب بن جثامة أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحم حمار وحش، وقال سعيد بن جبير