الثامنة - قوله تعالى: (ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين) دليل على أن المتقي المحسن أفضل من المتقي المؤمن الذي عمل الصالحات، فضله بأجر الاحسان.
التاسعة - قد تأول هذه الآية قدامة بن مظعون الجمحي من الصحابة رضي الله عنهم، وهو ممن هاجر إلى أرض الحبشة مع أخويه عثمان وعبد الله، ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدرا وعمر (1). وكان ختن (2) عمر بن الخطاب، خال عبد الله وحفصة، وولاه عمر بن الخطاب على البحرين، ثم عزله بشهادة الجارود - سيد عبد القيس - عليه بشرب الخمر. روى الدارقطني قال حدثنا أبو الحسن علي بن محمد المصري حدثنا يحيى بن أيوب العلاف حدثني سعيد ابن عفير، حدثني يحيى بن فليح بن سليمان، قال حدثني ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس:
أن الشراب كانوا يضربون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأيدي والنعال والعصي حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا في خلافة أبي بكر أكثر منهم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أبو بكر يجلدهم أربعين حتى توفي، ثم كان عمر من بعده يجلدهم كذلك أربعين حتى أتى برجل من المهاجرين الأولين وقد شرب فأمر به أن يجلد، فقال لم تجلدني؟ بيني وبينك كتاب الله! فقال عمر: وفي أي كتاب الله تجد ألا أجلدك؟ فقال له:
إن الله تعالى يقول في كتابه: " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا " الآية.
فأنا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ثم اتقوا وآمنوا، ثم اتقوا وأحسنوا، شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا وأحدا والخندق والمشاهد [كلها] (3)، فقال عمر: ألا تردون عليه ما يقول، فقال ابن عباس: إن هؤلاء الآيات أنزلن عذرا لمن غبر وحجة على الناس، لان الله تعالى يقول: " يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر " الآية، ثم قرأ حتى أنفذ الآية الأخرى، فإن كان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، الآية، فإن الله قد نهاه أن يشرب الخمر، فقال عمر:
صدقت ماذا ترون؟ فقال علي رضي الله عنه: إنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى، وإذا