والعقاب، بخلاف ما قالت اليهود: إن يده مقبوضة عن عذابهم. وفى صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى قال لي أنفق أنفق عليك). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يمين الله ملاى لا يغيضها سحاء الليل والنهار (1) أرأيتم ما أنفق مذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه - قال - وعرشه على الماء وبيده الأخرى القبض (2) يرفع ويخفض). السح الصب الكثير. وبغيض ينقص، ونظير هذا الحديث قوله جل ذكره: " والله يقبض ويبسط " (3) [البقرة:]. وأما هذه الآية ففي قراءة ابن مسعود " بل يداه بسطان " (4) [المائدة:] حكاه الأخفش، وقال يقال: يد بسطة، أي منطلقة منبسطة. (ينفق كيف يشاء) أي يرزق كما يريد. ويجوز أن تكون اليد في هذه الآية بمعنى القدرة، أي قدرته شاملة، فإن شاء وسع وإن شاء قتر. (وليزيدن كثيرا منهم) لام قسم. (ما أنزل إليك من ربك) أي بالذي أنزل إليك. (طغيانا وكفرا) أي إذا نزل شئ من القرآن فكفروا ازداد كفرهم.
(وألقينا بينهم) قال مجاهد: أي بين اليهود والنصارى، لأنه قال قبل هذا " لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء " [المائدة: 51]. وقيل: أي ألقينا بين طوائف اليهود، كما قال: " تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى " (5) [الحشر: 14] فهم متباغضون متفقين، فهم أبغض خلق الله إلى الناس. (كلما أوقدوا نار للحرب) يريد اليهود. و " كلما " ظرف أي كلما جمعوا وأعدوا شتت الله جمعهم. وقيل: إن اليهود لما أفسدوا وخالفوا كتاب الله - التوراة - أرسل الله عليهم بختنصر، ثم أفسدوا فأرسل عليهم بطرس الرومي، ثم أفسدوا فأرسل عليهم المجوس، ثم أفسدوا فبعث الله عليهم المسلمين، فكانوا كلما استقام أمرهم شتتهم الله فكلما أوقدوا نارا أي أهاجوا شرا، وأجمعوا أمرهم على حرب النبي صلى الله عليه وسلم " أطفأها الله " وقهرهم ووهن أمرهم فذكر النار مستعار.
قال قتادة: أذلهم الله عز وجل، فلقد بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم وهم تحت أيدي