والنعمة والصلة، لان الاشتراك يقع حينئذ بين وليه آدم وعدوه إبليس، ويبطل ما ذكر من تفضيله عليه، لبطلان معنى التخصيص، فلم يبق إلا أن تحمل (1) على صفتين تعلقتا بخلق آدم تشريفا له دون خلق إبليس تعلق القدرة بالمقدور، لا من طريق المباشرة ولا من حيث المماسة، ومثله ما روى أنه [عز اسمه وتعالى علاه وجد أنه] (2) كتب التوراة بيده، وغرس دار الكرامة [بيده] (3) لأهل الجنة، وغير ذلك تعلق الصفة بمقتضاها.
قوله تعالى: (غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا) حذفت الضمة من الياء لثقلها، أي غلت في الآخرة، ويجوز أن يكون دعاء عليهم، وكذا " ولعنوا بما قالوا " والمقصود تعليمنا كما قال: " لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله " (4) [الفتح: 27]، علمنا الاستثناء كما علمنا الدعاء على أبي لهب بقوله: " تبت يدا أبي لهب " (5) [المسد: 1] وقيل: المراد أنهم أبخل الخلق، فلا ترى يهوديا غير لئيم. وفي الكلام على هذا القول إضمار الواو، أي قالوا: يد الله مغلولة وغلت أيديهم. واللعن بالابعاد، وقد تقدم.
قوله تعالى: (بل يداه مبسوطتان) ابتداء وخبر، أي بل نعمته مبسوطة، فاليد بمعنى النعمة. قال بعضهم: هذا غلط، لقوله: " بل يداه مبسوطتان " فنعم الله تعالى أكثر من أن تحصى فكيف تكون بل نعمتاه مبسوطتان؟ وأجيب بأنه يجوز أن يكون هذا تثنية جنس لا تثنية واحد مفرد، فيكون مثل قوله عليه السلام: (مثل المنافق كالشاة العائرة (6) بين الغنمين). فأحد الجنسين نعمة الدنيا، والثاني نعمة الآخرة. وقيل: نعمتا الدنيا النعمة الظاهرة والنعمة الباطنة، كما قال: " وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة " (7) [لقمان: 20]. وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فيه: (النعمة الظاهرة ما حسن من خلقك، والباطنة ما ستر عليك من سئ عملك). وقيل: نعمتاه المطر والنبات اللتان النعمة بهما ومنهما.
وقيل: إن النعمة (8) للمبالغة، كقول العرب: (لبيك وسعديك) وليس يريد الاقتصار على مرتين، وقد يقول القائل: ما لي بهذا الامر يد أو قوة. قال السدي، معنى قوله (يداه) قوتاه بالثواب