ولا بأس بأخذ الرزق على ذلك من بيت المال. وقال الشافعي: لا يرزق المؤذن إلا من خمس الخمس سهم النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن المنذر: لا يجوز أخذ الأجرة على الاذان.
وقد استدل علماؤنا بأخذ الأجرة بحديث أبي محذورة، وفيه نظر، أخرجه النسائي وابن ماجة وغيرهما قال: خرجت في نفر فكنا ببعض الطريق فأذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعنا صوت المؤذن ونحن عنه متنكبون (1) فصرخنا نحكيه نهزأ به، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إلينا قوما فأقعدونا بين يديه فقال: (أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع) فأشار إلى القوم كلهم وصدقوا فأرسل كلهم وحبسني وقال لي: (قم فأذن) فقمت ولا شئ أكره إلي من [أمر] (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا مما يأمرني به، فقمت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فألقى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم التأذين هو بنفسه فقال: (قل الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله)، ثم قال لي: (ارفع فمد صوتك أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله)، ثم دعاني حين قضيت التأذين فأعطاني صرة فيها شئ من فضة، ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة ثم أمرها على وجهه، ثم على (3) ثدييه، ثم على كبده حتى بلغت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم سرة أبي محذورة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بارك الله لك وبارك عليك)، فقلت:
يا رسول الله مرني بالتأذين بمكة، قال: (قد أمرتك). فذهب كل شئ كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كراهية، وعاد ذلك كله محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدمت على عتاب بن أسيد عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فأذنت معه بالصلاة عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، لفظ ابن ماجة.