الثانية - قوله تعالى: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) في موضع النعت.
قال الحسن وقتادة وغيرهما: نزلت في أبي بكر الصديق وأصحابه. وقال السدي: نزلت في الأنصار. وقيل: هي إشارة إلى قوم لم يكونوا موجودين في ذلك (1) الوقت، وأن أبا بكر قاتل أهل الردة بقوم لم يكونوا وقت نزول الآية، وهم أحياء من اليمن من كندة وبجيلة، ومن أشجع. وقيل: إنها نزلت في الأشعريين، ففي الخبر أنها لما نزلت قدم بعد ذلك بيسير سفائن الأشعريين، وقبائل اليمن من طريق البحر، فكان لهم بلاء في الاسلام في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت عامة فتوح العراق في زمن عمر رضي الله عنه على يدي قبائل اليمن، هذا أصح ما قيل في نزولها. والله أعلم. وروى الحاكم أبو عبد الله في " المستدرك " بإسناده:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى أبي موسى الأشعري لما نزلت هذه الآية فقال:
(هم قوم هذا) قال القشيري: فأتباع أبي الحسن من قومه، لان كل موضع أضيف فيه قوم إلى نبي أريد به الاتباع.
الثالثة - قوله تعالى: (أذلة على المؤمنين) " أذلة " نعت لقوم، وكذلك (أعزة) أي يرأفون بالمؤمنين ويرحمونهم ويلينون لهم، من قولهم: دابة ذلول أي تنقاد سهلة، وليس من الذل في شئ. ويغلظون على الكافرين ويعادونهم. قال ابن عباس: هم للمؤمنين كالوالد للولد والسيد للعبد، وهم في الغلظة على الكفار كالسبع على فريسته، قال الله تعالى: " أشداء على الكفار رحماء بينهم " (2) [الفتح: 29]. ويجوز " أذلة " بالنصب على الحال، أي يحبهم ويحبونه في هذا الحال، وقد تقدمت معنى محبة الله تعالى لعباده ومحبتهم له (3).
الرابعة - قوله تعالى: (يجاهدون في سبيل الله) في موضع الصفة أيضا.
(ولا يخافون لومة لائم) بخلاف المنافقين يخافون الدوائر، فدل بهذا على تثبيت إمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، لأنهم جاهدوا في الله عز وجل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقاتلوا المرتدين بعده، ومعلوم أن من كانت فيه هذه الصفات فهو ولي