الاحكام. والأهواء جمع هوى، ولا يجمع أهوية، وقد تقدم في " البقرة " (1). فنهاه عن أن يتبعهم فيما يريدونه، وهو يدل على بطلان قول من قال: تقوم الخمر على من أتلفها عليهم، لأنها ليست مالا لهم فتكون مضمونة على متلفها، لان إيجاب ضمانها على متلفها حكم بموجب أهواء اليهود، وقد أمرنا بخلاف ذلك. ومعنى (عما جاءك) على ما جاءك. (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) يدل على عدم التعلق بشرائع الأولين. والشرعة والشريعة الطريقة الظاهرة التي يتوصل بها إلى النجاة. والشريعة في اللغة: الطريق الذي يتوصل منه إلى الماء. والشريعة ما شرع الله لعباده من الدين، وقد شرع لهم يشرع شرعا أي سن. والشارع الطريق الأعظم.
والشرعة أيضا الوتر، والجمع شرع وشرع وشراع جمع الجمع، عن أبي عبيد، فهو مشترك.
والمنهاج الطريق المستمر، وهو النهج والمنهج، أي البين، قال الراجز:
من يك ذا شك فهذا فلج * ماء رواء (2) وطريق نهج وقال أبو العباس محمد بن يزيد: الشريعة ابتداء الطريق، والمنهاج الطريق المستمر. وروي عن ابن عباس والحسن وغيرهما " شرعة ومنهاجا " سنة وسبيلا. ومعنى الآية أنه جعل التوراة لأهلها، والإنجيل لأهله، والقرآن لأهله، وهذا في الشرائع والعبادات، والأصل التوحيد لا اختلاف فيه، روي معنى ذلك عن قتادة. وقال مجاهد: الشرعة والمنهاج دين محمد عليه السلام، وقد نسخ به كل ما سواه.
قوله تعالى: (ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة) أي لجعل شريعتكم واحدة فكنتم على الحق، فبين أنه أراد بالاختلاف إيمان قوم وكفر قوم. (ولكن ليبلوكم فيما آتاكم) في الكلام حذف تتعلق به لام كي، أي ولكن جعل شرائعكم مختلفة ليختبركم، والابتلاء الاختبار.
قوله تعالى: (فاستبقوا الخيرات) أي سارعوا إلى الطاعات، وهذا يدل على أن تقديم الواجبات أفضل من تأخيرها، وذلك لا اختلاف فيه في العبادات كلها إلا في الصلاة في أول