وشارب مربح بالكأس نادمني * لا بالحصور ولا فيها بسوار (1) وفي التنزيل " وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا " [الاسراء: 8] (2) أي محبسا. والحصير الملك لأنه محجوب.
وقال لبيد:
وقماقم (3) غلب الرقاب كأنهم * جن لدى باب الحصير قيام فيحيى عليه السلام حصور، فعول بمعنى مفعول لا يأتي النساء، كأنه ممنوع مما يكون في الرجال، عن ابن مسعود وغيره. وفعول بمعنى مفعول كثير في اللغة، من ذلك حلوب بمعنى محلوبة، قال الشاعر:
فيها اثنتان وأربعون حلوبة * سودا كخافية الغراب الأسحم (4) وقال ابن مسعود أيضا وابن عباس وابن جبير وقتادة وعطاء وأبو الشعثاء والحسن والسدي وابن زيد: هو الذي يكف عن النساء ولا يقربهن مع القدرة. وهذا أصح [الأقوال (5) لو] جهين:
أحدهما أنه مدح وثناء عليه، والثناء إنما يكون عن الفعل المكتسب دون الجبلة في الغالب.
الثاني أن فعولا في اللغة من صيغ الفاعلين، كما قال (6):
ضروب بنصل السيف سوق سمانها * إذا عدموا زادا فإنك عاقر فالمعنى أنه يحصر نفسه عن الشهوات. ولعل هذا كان شرعه، فأما شرعنا فالنكاح، كما تقدم.
وقيل: الحصور العنين الذي لا ذكر له يتأتى له به النكاح ولا ينزل، عن ابن عباس أيضا وسعيد ابن المسيب والضحاك. وروى أبو صالح عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كل ابن آدم يلقى الله بذنب قد أذنبه يعذبه عليه إن شاء أو يرحمه إلا يحيى