وإن أردت الثاني جاز الجر. والنصب والتنوين فيما هذا سبيله هو الأصل، لأنه يجري مجرى الفعل المضارع فإن كان الفعل غير متعد، لم يتعد نحو قاتم زيد. وإن كان متعديا عديته ونصبت به، فتقول. زيد ضارب عمروا بمعنى يضرب عمروا. ويجوز حذف التنوين والإضافة تخفيفا، كما قال المرار ":
سل الهموم بكل معطي رأسه * ناج مخالط صهبة متعيس (1) مغتال أحبله مبين عنقه * في منكب زبن المطي عرندس (2) [فحذف التنوين تخفيفا، والأصل: معط رأسه بالتنوين والنصب، ومثل هذا أيضا في التنزيل قوله تعالى: " هل هن كاشفات ضره " [الزمر: 38] وما كان مثله] (3).
الثالثة - ثم اعلم أن للموت أسبابا وأمارات، فمن علامات موت المؤمن عرق الجبين.
أخرجه النسائي من حديث بريدة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " المؤمن يموت بعرق الجبين ". وقد بيناه في " التذكرة " فإذا احتضر لقن الشهادة، لقوله عليه السلام:
(لقنوا موتاكم لا إله إلا الله) لتكون آخر كلامه فيختم له بالشهادة، ولا يعاد عليه منها لئلا يضجر. ويستحب قراءة " يس " ذلك الوقت، لقوله عليه السلام: " اقرؤوا يس على موتاكم " أخرجه أبو داود. وذكر الآجري في كتاب النصيحة من حديث أم الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من ميت يقرأ عنده سورة يس إلا هون عليه الموت). فإذا قضي وتبع البصر الروح - كما أخبر صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم - وارتفعت العبادات وزال التكليف، توجهت على الاحياء أحكام، منها: تغميضه. وإعلام إخوانه الصلحاء بموته. وكرهه قوم وقالوا: هو من النعي. والأول أصح، وقد بيناه في غير هذا الموضع. ومنها الاخذ في تجهيزه بالغسل والدفن لئلا يسرع إليه التغير، قال صلى الله عليه وسلم لقوم أخروا دفن ميتهم: (عجلوا بدفن جيفتكم) وقال: (أسرعوا بالجنازة) الحديث، وسيأتي.