فشل وفشل. وجواب " حتى " محذوف، أي حتى إذا فشلتم امتحنتم. ومثل هذا جائز كقوله: " فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء " [الانعام: 35] (1) فافعل. وقال الفراء: جواب " حتى "، " وتنازعتم " والواو مقحمة زائدة، كقوله " فلما أسلما وتله للجبين.
وناديناه " [الصافات: 103 - 104] (2) أي ناديناه. وقال أمرؤ القيس:
* فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى * أي انتحى. وعند هؤلاء يجوز إقحام الواو من " وعصيتم ". أي حتى إذا فشلتم وتنازعتم عصيتم. وعلى هذا فيه تقديم وتأخير، أي حتى إذا تنازعتم وعصيتم وفشلتم. وقال أبو علي:
يجوز أن يكون الجواب " صرفكم عنهم "، " ثم " زائدة، والتقدير حتى إذا فشلتم وتنازعتم وعصيتم صرفكم عنهم. وقد أنشد بعض النحويين في زيادتها قوله الشاعر أراني إذا ما بت على هوى * فثم إذا أصبحت أصبحت عاديا وجوز الأخفش أن تكون زائدة، كما في قوله تعالى: " حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم " [التوبة: 118] (3). وقيل:
" حتى " بمعنى " إلى " وحينئذ لا جواب له، أي صدقكم الله وعده إلى أن فشلتم، أي كان ذلك الوعد بشرط الثبات. ومعنى (تنازعتم) اختلفتم، يعني الرماة حين قال بعضهم لبعض: نلحق الغنائم. وقال بعضهم: بل نثبت في مكاننا الذي أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالثبوت فيه. (وعصيتم) أي خالفتم أمر الرسول في الثبوت. (من بعد ما أراكم ما تحبون) يعني من الغلبة التي كانت للمسلمين يوم أحد أول أمرهم، وذلك حين صرع صاحب لواء المشركين على ما تقدم، وذلك أنه لما صرع انتشر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وصاروا كتائب متفرقة فحاسوا (4) العدو ضربا حتى أجهضوهم (5) عن أثقالهم. وحملت خيل المشركين على المسلمين ثلاث مرات كل ذلك تنضح بالنبل فترجع مغلوبة (6)، وحمل المسلمون فنهكوهم قتلا. فلما أبصر الرماة الخمسون أن الله عز وجل قد فتح لإخوانهم قالوا: والله ما نجلس