صلى الله عليه وسلم أشد القتال ما رأيتهما قبل ذلك اليوم ولا بعده. وعن مجاهد قال:
لم تقاتل الملائكة معهم يومئذ، ولا قبله ولا بعده إلا يوم بدر. قال البيهقي: إنما أراد مجاهد أنهم لم يقاتلوا يوم أحد عن القوم حين عصوا الرسول ولم يصبروا على ما أمرهم به. وعن عروة بن الزبير قال: وكان الله عز وجل وعدهم على الصبر والتقوى أن يمدهم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين: وكان قد فعل، فلما عصوا أمر الرسول وتركوا مصافهم وتركوا الرماة عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ألا يبرحوا من منازلهم، وأرادوا الدنيا، رفع عنهم مدد الملائكة، وأنزل الله تعالى: " ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه " [آل عمران: 152] فصدق الله وعده وأراهم الفتح، فلما عصوا أعقبهم البلاء. وعن عمير بن إسحاق قال: لما كان يوم أحد انكشفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسعد يرمي بين يديه، وفتى ينبل له، كلما ذهبت نبله أتاه بها. قال ارم أبا إسحاق. فلما فرغوا نظروا من الشاب؟ فلم يروه ولم يعرفوه (1) . وقال محمد بن كعب: ولما قتل صاحب لواء المشركين وسقط لواؤهم، رفعته عمرة بنت علقمة الحارثية، وفي ذلك يقول حسان:
فلولا لواء الحارثية أصبحوا * يباعون في الأسواق بيع الجلائب و (تحسونهم) معناه تقتلونهم وتستأصلونهم، قال الشاعر:
حسسناهم بالسيف حسا فأصبحت * بقيتهم قد شردوا وتبددوا وقال جرير:
تحسهم السيوف كما تسامى * حريق النار في الأجم الحصيد قال أبو عبيد: الحس الاستئصال بالقتل، يقال: جراد محسوس إذا قتله البرد. والبرد محسة للنبت. أي محرقة له ذاهبة به. وسنة حسوس أي جدية تأكل كل شئ، قال رؤبة:
إذا شكونا سنة حسوسا تأكل بعد الأخضر (2) اليبيسا " أصله من الحس الذي هو الادراك بالحاسة. فمعنى حسه أذهب حسه بالقتل. (بإذنه) بعلمه، أو بقضائه وأمره. (حتى إذا فشلتم) أي جبنتم وضعفتم. يقال: فشل يفشل فهو