وهو مثل قوله: وعلى الله قصد السبيل ويقول: معنى ذلك: من أراد الله فهو على السبيل القاصد، وقال: يقال معناه: إن علينا للهدى والاضلال، كما قال: سرابيل تقيكم الحر وهي تقي الحر والبرد.
وقوله: وإن لنا للآخرة والأولى يقول: وإن لنا ملك ما في الدنيا والآخرة، نعطي منهما من أردنا من خلقنا، ونحرمه من شئنا.
وإنما عنى بذلك جل ثناؤه أنه يوفق لطاعته من أحب من خلقه، فيكرمه بها في الدنيا، ويهيئ له الكرامة والثواب في الآخرة، ويخذل من يشاء خذلانه من خلقه عن طاعته، فيهينه بمعصيته في الدنيا، ويخزيه بعقوبته عليها في الآخرة.
ثم قال جل ثناؤه: فأنذرتكم نارا تلظى يقول تعالى ذكره: فأنذرتكم أيها الناس نارا تتوهج، وهي نار جهنم، يقول: احذروا أن تعصوا ربكم في الدنيا، وتكفروا به، فتصلونها في الآخرة. وقيل: تلظى، وإنما هي تتلظى، وهي في موضع رفع، لأنه فعل مستقبل، ولو كان فعلا ماضيا لقيل: فأنذرتكم نارا تلظت. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
29029 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحرث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: نارا تلظى قال: توهج.
وقوله: لا يصلاها إلا الأشقى يقول جل ثناؤه: لا يدخلها فيصلى بسعيرها إلا الأشقى، الذي كذب وتولى يقول: الذي كذب بآيات ربه، وأعرض عنها، ولم يصدق بها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
29030 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا هشام بن الغاز، عن مكحول، عن أبي هريرة، قال: لتدخلن الجنة إلا من يأبى، قالوا: يا أبا هريرة: ومن يأبى أن يدخل الجنة؟ قال: فقرأ: الذي كذب وتولى.
29031 - حدثني الحسن بن ناضح، قال: ثنا الحسن بن حبيب ومعاذ بن معاذ، قالا: ثنا الأشعث، عن الحسن في قوله: لا يصلاها إلا الأشقى قال معاذ: الذي كذب وتولى، ولم يقله الحسن، قال: المشرك.