وقوله: ولا تمسكوا بعصم الكوافر يقول جل ثناؤه للمؤمنين به من أصحاب رسول الله (ص): لا تمسكوا إيها المؤمنون بحبال النساء الكوافر وأسبابهن، والكوافر: جمع كافرة، والعصم: جمع عصمة، وهي ما اعتصم به من العقد والسبب، وهذا نهي من الله للمؤمنين عن الاقدام على نكاح النساء المشركات من أهل الأوثان، وأمر لهم بفراقهن.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
26330 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا يحيى بن سعيد القطان، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، قال أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أن النبي (ص) جاءه نسوة مؤمنات بعد أن كتب كتاب القضية بينه وبين قريش، فأنزل الله: يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات حتى بلغ بعصم الكوافر فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له بالشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية.
26331 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: بلغنا أن آية المحنة التي ماد فيها رسول الله (ص) كفار قريش من أجل العهد الذي كان بين كفار قريش وبين النبي (ص)، فكان النبي (ص) يرد إلى كفار قريش ما أنفقوا على نسائهم اللاتي يسلمن ويهاجرن، وبعولتهن كفار للعهد الذي كان بين النبي (ص) وبينهم، ولو كانوا حربا ليست بينهم وبين النبي (ص) مدة وعقد لم يرد عليهم شيئا مما أنفقوا، وحكم الله للمؤمنين على أهل المدة من الكفار بمثل ذلك، قال الله: يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات حتى بلغ والله عليم حكيم فطلق المؤمنون حين أنزلت هذه الآية كل امرأة كافرة كانت تحت رجل منهم، فطلق عمر بن الخطاب رضي الله عنه امرأته ابنة أبي أمية بن المغيرة من بني مخزوم فتزوجها معاوية بن أبي سفيان، وابنة جرول من خزاعة، فتزوجها أبو جهم بن حذافة العدوي، وجعل الله ذلك حكما حكم به بين المؤمنين والمشركين في هذه المدة التي كانت.