وقوله: لئن أخرجتم لنخرجن معكم يقول: لئن أخرجتم من دياركم ومنازلكم، وأجليتم عنها لنخرجن معكم، فنجلى عن منازلنا وديارنا معكم.
وقوله: ولا نطيع فيكم أحدا أبدا يقول: ولا نطيع أحدا سألنا خذلانكم، وترك نصرتكم، ولكنا نكون معكم ولئن قوتلتم لننصرنكم يقول: وإن قاتلكم محمد (ص) ومن معه لننصرنكم معشر النضير عليهم.
وقوله: والله يشهد إنهم لكاذبون يقول: والله يشهد إن هؤلاء المنافقين الذين وعدوا بني النضير النصرة على محمد (ص) لكاذبون في وعدهم إياهم ما وعدوهم من ذلك. القول في تأويل قوله تعالى:
* (لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الادبار ثم لا ينصرون) *.
يقول تعالى ذكره: لئن أخرج بنو النضير من ديارهم، فأجلوا عنها لا يخرج معهم المنافقون الذين وعدوهم الخروج من ديارهم، ولئن قاتلهم محمد (ص) لا ينصرهم المنافقون الذين وعدوهم النصر، ولئن نصر المنافقون بني النضير ليولن الادبار منهزمين عن محمد (ص) وأصحابه هاربين منهم، قد خذلوهم ثم لا ينصرون يقول: ثم لا ينصر الله بني النضير على محمد (ص)، وأصحابه بل يخذلهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون ئ لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) *.
يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسول الله (ص): لأنتم أيها المؤمنون أشد رهبة في صدور اليهود من بني النضير من الله: يقول: هم يرهبونهم أشد من رهبتهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون يقول تعالى ذكره: هذه الرهبة التي لكم في صدور هؤلاء اليهود التي هي أشد من رهبتهم من الله من أجل أنهم قوم لا يفقهون، قدر عظمة الله، فهم لذلك يستخفون بمعاصيه، ولا يرهبون عقابه قدر رهبته منكم.