كان في قلبه مثقال حبة من خردل من خير، فيبقى من لا خير فيه، فيرجعون إلى دين آبائهم.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ئ تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) *.
يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم موجع، وذلك عذاب جهنم ثم بين لنا جل ثناؤه ما تلك التجارة التي تنجينا من العذاب الأليم، فقال: تؤمنون بالله ورسوله محمد (ص).
فإن قال قائل: وكيف قيل: تؤمنون بالله ورسوله، وقد قيل لهم: يا أيها الذين آمنوا بوصفهم بالايمان؟ فإن الجواب في ذلك نظير جوابنا في قوله: يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله وقد مضى البيان عن ذلك في موضعه بما أغنى عن إعادته.
وقوله: وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم يقول تعالى ذكره:
وتجاهدون في دين الله، وطريقه الذي شرعه لكم بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم يقول: إيمانكم بالله ورسوله، وجهادكم في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم خير لكم من تضييع ذلك والتفريط إن كنتم تعلمون مضار الأشياء ومنافعها. وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله: آمنوا بالله على وجه الامر، وبينت التجارة من قوله: هل أدلكم على تجارة تنجيكم وفسرت بقوله: تؤمنون بالله ولم يقل: أن تؤمنوا، لان العرب إذا فسرت الاسم بفعل تثبت في تفسيره أن أحيانا، وتطرحها أحيانا، فتقول للرجل: هل لك في خير تقوم بنا إلى فلان فنعوده؟ هل لك في خير أن تقوم إلى فلان فنعوده؟، بأن وبطرحها. ومما جاء في الوجهين على الوجهين جميعا قوله: فلينظر الانسان إلى طعامه أنا وإنا فالفتح في أنا لغة من أدخل في يقوم أن من قولهم: هل لك في خير أن تقوم، والكسر فيها لغة من يلقي أن من تقوم ومنه قوله: فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وإنا دمرناهم، على ما بينا.