والكوفة والشام، ولا تمسكوا بتخفيف السين. وقرأ ذلك أبو عمرو ولا تمسكوا بتشديدها، وذكر أنها قراءة الحسن، واعتبر من قرأ ذلك بالتخفيف، وإمساك بمعروف.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان، ولغتان مشهورتان، محكى عن العرب أمسكت به ومسكت، وتمسكت به.
وقوله: واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا يقول تعالى ذكره لأزواج اللواتي لحقن من المؤمنين من دار الاسلام بالمشركين إلى مكة من كفار قريش: واسألوا أيها المؤمنون الذين ذهبت أزواجهم فلحقن بالمشركين ما أنفقتم على أزواجكم اللواتي لحقن بهم من الصداق من تزوجهن منهم، وليسألكم المشركون منهم الذين لحق بكم أزواجهم مؤمنات إذا تزوجن فيكم من تزوجها منكم ما أنفقوا عليهن من الصداق. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
26336 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: أقر المؤمنون بحكم الله، وأدوا ما أمروا به من نفقات المشركين التي أنفقوا على نسائهم، وأبى المشركون أن يقروا بحكم الله فيما فرض عليهم من أداء نفقات المسلمين.
26337 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا قال: ما ذهب من أزواج أصحاب محمد (ص) إلى الكفار، فليعطهم الكفار صدقاتهن، وليمسكوهن، وما ذهب من أزواج الكفار إلى أصحاب النبي (ص)، فمثل ذلك في صلح كان بين محمد (ص) وبين قريش.
وقوله: ذلكم حكم الله يحكم بينكم يقول تعالى ذكره: هذا الحكم الذي حكمت بينكم من أمركم أيها المؤمنون بمسألة المشركين، وما أنفقتم على أزواجكم اللاتي لحقن بهم وأمرهم بمسألتكم مثل ذلك في أزواجهن اللاتي لحقن بكم، حكم الله بينكم فلا تعتدوه، فإنه الحق الذي لا يسمع غيره، فانتهى المؤمنون من أصحاب رسول الله (ص) فيما ذكر إلى أمر الله وحكمه، وامتنع المشركون منه وطالبوا الوفاء بالشروط التي كانوا شارطوها بينهم في ذلك الصلح، وبذلك جاءت الآثار والاخبار عن أهل السير وغيرهم. ذكر من قال ذلك: