فأول من ظاهر في الاسلام أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت من امرأته الخزرجية، وهي خولة بنت ثعلبة بن مالك فلما ظاهر منها حسبت أن يكون ذلك طلاقا، فأتت به نبي الله (ص)، فقالت: يا رسول الله إن أوسا ظاهر مني، وإنا إن افترقنا هلكنا، وقد نثرت بطني منه، وقدمت صحبته فهي تشكو ذلك وتبكي، ولم يكن جاء في ذلك شئ، فأنزل الله عز وجل: قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها... إلى قوله: وللكافرين عذاب أليم فدعاه رسول الله (ص) فقال: أتقدر على رقبة تعتقها؟ فقال: لا والله يا رسول الله، ما أقدر عليها، فجمع له رسول الله (ص) حتى أعتق عنه، ثم راجع أهله.
وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله بن مسعود: قد سمع الله قول التي تحاولك في زوجها.
وقوله: وتشتكي إلى الله يقول: وتشتكي المجادلة ما لديها من الهم بظهار زوجها منها إلى الله وتسأله الفرج والله يسمع تحاوركما يعني تحاور رسول الله (ص)، والمجادلة خولة ابنة ثعلبة إن الله سميع بصير يقول تعالى ذكره: إن الله سميع لما يتجاوبانه ويتحاورانه، وغير ذلك من كلام خلقه، بصير بما يعلمون، ويعمل جميع عباده.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور) *.
يقول تعالى ذكره: الذين يحرمون نساءهم على أنفسهم تحريم الله عليهم ظهور أمهاتهم، فيقولون لهن: أنتن علينا كظهور أمهاتنا، وذلك كان طلاق الرجل امرأته في الجاهلية. كذلك:
26121 - حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: ثنا أيوب، عن أبي قلابة، قال:
كان الظهار طلاقا في الجاهلية، الذي إذا تكلم به أحدهم لم يرجع في امرأته أبدا، فأنزل الله عز وجل فيه ما أنزل.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة سوى نافع، وعامة قراء الكوفة خلا عاصم: يظاهرون بفتح الياء وتشديد الظاء وإثبات الألف، وكذلك قرأوا الأخرى بمعنى يتظاهرون، ثم أدغمت التاء في الظاء فصارتا ظاء مشددة. وذكر أنها في