تقولون ما لا تفعلون: كان المسلمون يقولون: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله لأتيناه، ولو ذهبت فيه أنفسنا وأموالنا فلما كان يوم أحد، نزلوا عن النبي (ص) حتى شج، وكسرت رباعيته، فقال: لم تقولون ما لا تفعلون، ثم قال: كبر مقتا عند الله كبر ذلك مقتا:
أي فأن في موضع رفع، لان كبر كقوله: بئس رجلا أخوك.
وقوله: كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا، أضمر في كبر اسم يكون مرفوعا.
والصواب من القول في ذلك عندي أن قوله مقتا منصوب على التفسير، كقول القائل: كبر قولا هذا القول. القول في تأويل قوله تعالى: * (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) *.
يقول تعالى ذكره للقائلين: لو علمنا أحب الأعمال إلى الله لعملناه حتى نموت: إن الله أيها القوم يحب الذين يقاتلون في سبيله كأنهم، يعني في طريقه ودينه الذي دعا إليه صفا يعني بذلك أنهم يقاتلون أعداء الله مصطفين.
وقوله: كأنهم بنيان مرصوص يقول: يقاتلون في سبيل الله صفا مصطفا، كأنهم في اصطفافهم هنالك حيطان مبنية قد رص، فأحكم وأتقن، فلا يغادر منه شيئا، وكان بعضهم يقول: بني بالرصاص. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
26384 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ألم تر إلى صاحب البنيان كيف لا يحب أن يخلف بنيانه، كذلك تبارك وتعالى لا يختلف أمره، وإن الله وصف المؤمنين في قتالهم وصفهم في صلاتهم، فعليكم بأمر الله فإنه عصمة لمن أخذ به.
26385 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص قال: والذين صدقوا قولهم بأعمالهم هؤلاء قال: وهؤلاء لم يصدقوا قولهم بالاعمال لما خرج النبي (ص) نكصوا عنه وتخلفوا.
وكان بعض أهل العلم يقول: إنما قال الله إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله