المحنة بما يصح به عقد الايمان لهن، والدخول في الاسلام، فلا تردوهن عن ذلك إلى الكفار. وإنما قيل ذلك للمؤمنين، لان العهد كان جرى بين رسول الله (ص) وبين مشركي قريش في صلح الحديبية أن يرد المسلمون إلى المشركين من جاءهم مسلما، فأبطل ذلك الشرط في النساء إذا جئن مؤمنات مهاجرات فامتحن، فوجدهن المسلمون مؤمنات، وصح ذلك عندهم مما قد ذكرنا قبل، وأمروا أن لا يردوهن إلى المشركين إذا علم أنهن مؤمنات.
وقال جل ثناؤه لهم: فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن يقول: لا المؤمنات حل للكفار ولا الكفار يحلون للمؤمنات. وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الآثار. ذكر بعض ما روي في ذلك من الأثر:
26319 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، قال: دخلت على عروة بن الزبير، وهو يكتب كتابا إلى ابن أبي هنيد صاحب الوليد بن عبد الملك، وكتب إليه يسأله عن قول الله عز وجل: إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات... إلى قوله والله عليم حكيم وكتب إليه عروة بن الزبير: إن رسول الله (ص) كان صالح قريشا عام الحديبية على أن يرد عليهم من جاء بغير إذن وليه فلما هاجر النساء إلى رسول الله (ص) وإلى الاسلام، أبى الله أن يرددن إلى المشركين، إذا هن امتحن محنة الاسلام، فعرفوا أنهن إنما جئن رغبة فيه.
وقوله وآتوهم ما أنفقوا يقول جل ثناؤه: وأعطوا المشركين الذين جاءكم نساؤهم مؤمنات إذا علمتموهن مؤمنات، فلم ترجعوهن إليهم ما أنفقوا في نكاحهم إياهن من الصداق. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
26320 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات...
إلى قوله عليم حكيم قال: كان امتحانهن أن يشهدن أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده