قرأ القارئ فمصيب وتسكين الأوسط فيما جاء من جمع فعلة على فعل في الأسماء على ألسن العرب أكثروا ذلك كجمعهم البدنة بدنا، والأجمة أجما. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون.
يقول تعالى ذكره: وإذا قيل لهؤلاء المنافقين: تعالوا إلى رسول الله يستغفر لكم لووا رؤوسهم، يقول: حركوها وهزوها استهزاء برسول الله (ص) وباستغفاره وبتشديدها الواو من لووا قرأت القراء على وجه الخبر عنهم أنهم كرروا هز رؤوسهم وتحريكها، وأكثروا، إلا نافعا فإنه قرأ ذلك بتخفيف الواو: لووا على وجه أنهم فعلوا ذلك مرة واحدة.
والصواب من القول في ذلك قراءة من شدد الواو لاجماع الحجة من القراء عليه.
وقوله: ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون يقول تعالى ذكره: ورأيتهم يعرضون عما دعوا إليه وجوههم وهم مستكبرون يقول: وهم مستكبرون عن المصير إلى رسول الله (ص) ليستغفر لهم وإنما عني بهذه الآيات كلها فيما ذكر عبد الله بن أبي ابن سلول، وذلك أنه قال لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، وقال:
لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فسمع بذلك زيد بن أرقم، فأخبر به رسول الله (ص)، فدعاه رسول الله (ص)، فسأله عما أخبر به عنه، فحلف أنه ما قاله، وقيل له:
لو أتيت رسول الله (ص)، فسألته أن يستغفر لك، فجعل يلوي رأسه ويحركه استهزاء، ويعني ذلك أنه غير فاعل ما أشاروا به عليه، فأنزل الله عز وجل فيه هذه السورة من أولها إلى آخرها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وجاءت الاخبار. ذكر الرواية التي جاءت بذلك:
26463 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يحيى بن آدم، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن زيد بن أرقم، قال: خرجت مع عمي في غزاة، فسمعت عبد الله بن أبي ابن سلول يقول لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل قال: فذكرت ذلك لعمي، فذكره عمي لرسول الله (ص)، فأرسل إلي، فحدثته، فأرسل إلى عبد الله عليا رضي الله عنه وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، قال: فكذبني رسول الله (ص) وصدقه، فأصابني هم لم يصبني مثله قط فدخلت البيت،