وقوله: اتخذوا أيمانهم جنة يقول جل ثناؤه: جعلوا حلفهم وأيمانهم جنة يسجنون بها من القتل ويدفعون بها عن أنفسهم وأموالهم وذراريهم، وذلك أنهم إذا اطلع منهم على النفاق، حلفوا للمؤمنين بالله إنهم لمنهم فصدوا عن سبيل الله يقول جل ثناؤه: فصدوا بأيمانهم التي اتخذوها جنة المؤمنين عن سبيل الله فيهم، وذلك أنهم كفرة، وحكم الله وسبيله في أهل الكفر به من أهل الكتاب القتل، أو أخذ الجزية، وفي عبد ة الأوثان القتل، فالمنافقون يصدون المؤمنين عن سبيل الله فيهم بأيمانهم إنهم مؤمنون، وإنهم منهم، فيحولون بذلك بينهم وبين قتلهم، ويمتنعون به مما يمتنع منه أهل الايمان بالله.
وقوله فلهم عذاب مهين يقول: فلهم عذاب مذل لهم في النار. القول في تأويل قوله تعالى:
* (لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) *.
يقول تعالى ذكره: لن تغني عن هؤلاء المنافقين يوم القيامة أموالهم، فيفتدوا بها من عذاب الله المهين لهم ولا أولادهم، فينصرونهم ويستنقذونهم من الله إذا عاقبهم أولئك أصحاب النار يقول: هؤلاء الذين تولوا قوما غضب الله عليهم، وهم المنافقون أصحاب النار، يعني أهلها الذين هم فيها خالدون، يقول: هم في النار ماكثون إلى غير نهاية.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شئ ألا إنهم هم الكاذبون) *.
يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين ذكرهم هم أصحاب النار، يوم يبعثهم الله جميعا، فيوم من صلة أصحاب النار. وعني بقوله يوم يبعثهم الله جميعا من قبورهم أحياء كهيئاتهم قبل مماتهم، فيحلفون له كما يحلفون لكم كاذبين مبطلين فيها، كما 26181 - حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: فيحلفون له قال: إن المنافق حلف له يوم القيامة كما حلف لأوليائه في الدنيا