ما يعرف به النصف من الرفع أن لا ترى الصفة الآخرة تتقدم قبل الأولى ألا ترى أنك تقول:
هذا أخوك في يده درهم قابضا عليه، فلو قلت: هذا أخوك قابضا عليه في يده درهم لم يجز، إلا ترى أنك تقول: هذا رجل قائم إلى زيد في يده درهم، فهذا يدل على أن المنصوب إذا امتنع تقديم الآخر، ويدل على الرفع إذا سهل تقديم الآخر.
وقوله يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ووحدوه، اتقوا الله بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه.
وقوله ولتنظر نفس ما قدمت لغد يقول: ولينظر أحدكم ما قدم ليوم القيامة من الأعمال، أمن الصالحات التي تنجيه أم من السيئات التي توبقه؟. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
26271 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد: ما زال ربكم يقرب الساعة حتى جعلها كغد، وغد يوم القيامة.
* - حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ما قدمت لغد يعني يوم القيامة.
26272 - حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ما قدمت لغد يعني يوم القيامة.
26273 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، وقرأ قول الله عز وجل ولتنظر نفس ما قدمت لغد يعني يوم القيامة الخير والشر قال: والأمس في الدنيا، وغد في الآخرة، وقرأ: كأن لم تغن بالأمس قال: كأن لم تكن في الدنيا.
وقوله: واتقوا الله يقول: وخافوا الله بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه إن الله خبير بما تعلمون يقول: إن الله ذو خبرة وعلم بأعمالكم خيرها وشرها، لا يخفى عليه منها شئ، وهو مجازيكم على جميعها. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون) *.