لنالكم عنت، يعني الشدة والمشقة في كثير من الأمور بطاعته إياكم لو أطاعكم لأنه كان يخطئ في أفعاله كما لو قبل من الوليد بن عقبة قوله في بني المصطلق: إنهم قد ارتدوا، ومنعوا الصدقة، وجمعوا الجموع لغزو المسلمين، فغزاهم فقتل منهم، وأصاب من دمائهم وأموالهم كان قد قتل، وقتلتم من لا يحل له ولا لكم قتله، وأخذ وأخذتم من المال ما لا يحل له ولكم أخذه من أموال قوم مسلمين، فنالكم من الله بذلك عنت ولكن الله حبب إليكم الايمان بالله ورسوله، فأنتم تطيعون رسول الله، وتأتمون به فيقيكم الله بذلك من العنت ما لو لم تطيعوه وتتبعوه، وكان يطيعكم لنالكم وأصابكم.
وقوله: وزينه في قلوبكم يقول: وحسن الايمان في قلوبكم فآمنتم وكره إليكم الكفر بالله والفسوق يعني الكذب، والعصيان يعني ركوب ما نهى الله عنه في خلاف أمر رسول الله (ص)، وتضييع ما أمر الله به أولئك هم الراشدون يقول: هؤلاء الذين حبب الله إليهم الايمان، وزينه في قلوبهم، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون السالكون طريق الحق.
وقوله: فضلا من الله ونعمة يقول: ولكن الله حبب إليكم الايمان، وأنعم عليكم هذه النعمة التي عدها فضلا منه، وإحسانا ونعمة منه أنعمها عليكم والله عليم حكيم يقول: والله ذو علم بالمحسن منكم من المسئ، ومن هو لنعم الله وفضله أهل، ومن هو لذلك غير أهل، وحكمة في تدبيره خلقه، وصرفه إياهم فيما شاء من قضائه. وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الامر لعنتم قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
24545 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة واعلموا أن فيكم رسول الله... حتى بلغ لعنتم هؤلاء أصحاب نبي الله (ص)، لو أطاعهم نبي الله في كثير من الامر لعنتم، فأنتم والله أسخف رأيا، وأطيش عقولا، اتهم رجل رأيه، وانتصح كتاب الله، فإن كتاب الله ثقة لمن أخذ به، وانتهى إليه، وإن ما سوى كتاب الله تغرير.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، قال: قال معمر، تلا قتادة لو يطيعكم في كثير من الامر لعنتم قال: فأنتم أسخف رأيا وأطيش أحلاما،، فاتهم رجل رأيه، وانتصح كتاب الله وكذلك كما قلنا أيضا في تأويل قوله: ولكن الله حبب إليكم الايمان قالوا. ذكر من قال ذلك: