بغير علم فتخرجوا ديته، فأما إثم فلم يحسبه عليهم. والمعرة: هي المفعلة من العر، وهو الجرب. وإنما المعنى: فتصيبكم من قبلهم معرة تعرون بها، يلزمكم من أجلها كفارة قتل الخطأ، وذلك عتق رقبة مؤمنة، من أطاق ذلك، ومن لم يطق فصيام شهرين.
وإنما اخترت هذا القول دون القول الذي قاله ابن إسحاق، لان الله إنما أوجب على قاتل المؤمن في دار الحرب إذا لم يكن هاجر منها، ولم يكن قاتله علم إيمانه الكفارة دون الدية، فقال: وإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن، فتحرير رقبة مؤمنة لم يوجب على قاتله خطأ ديته، فلذلك قلنا: عنى بالمعرة في هذا الموضع الكفارة، وأن من قوله:
أن تطؤوهم في موضع رفع ردا على الرجال، لان معنى الكلام: ولولا أن تطؤوا رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم، فتصيبكم منهم معرة بغير علم لاذن الله لكم أيها المؤمنون في دخول مكة، ولكنه حال بينكم وبين ذلك ليدخل الله في رحمته من يشاء يقول: ليدخل في الاسلام من أهل مكة من يشاء قبل أن تدخلوها، وحذف جواب لولا استغناء بدلالة الكلام عليه.
وقوله: لو تزيلوا يقول: لو تميز الذين في مشركي مكة من الرجال المؤمنين والنساء المؤمنات الذين لم تعلموهم منهم، ففارقوهم وخرجوا من بين أظهرهم لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما يقول: لقتلنا من بقي فيها بالسيف، أو لأهلكناهم ببعض ما يؤلمهم من عذابنا العاجل. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24440 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: لو تزيلوا... الآية، إن الله يدفع بالمؤمنين عن الكفار.
24441 - حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال:
سمعت الضحاك يقول في قوله لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم يعني أهل مكة كان فيهم مؤمنون مستضعفون: يقول الله لولا أولئك المستضعفون لو قد تزيلوا، لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما.
24442 - حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: لو تزيلوا لو تفرقوا، فتفرق المؤمن من الكافر، لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما. القول في تأويل قوله تعالى: