دار التزاحم محدودة الجهات وافرة المزاحمات، مركباتها في معرض الانحلال وانتظاماتها واصطلاحاتها مظنة الفساد ومصب البطلان، لا تتم الحياة فيها الا بالحياة النوعية ولا يكمل البقاء فيها الا بالاجتماع والتعاون فلا تخلو من الفساد وسفك الدماء " (1).
ب - ان الإرادة الانسانية بما أعطيت من اختيار يتحكم في توجيهه العقل بمعلوماته الناقصة هي التي تؤدي بالانسان إلى أن يفسد في الأرض ويسفك الدماء، قال محمد عبدة: " أخبر الله الملائكة بأنه جاعل في الأرض خليفة، نفهم من ذلك أن الله يودع في فطرة هذا النوع الذي يجعله خليفة ان يكون ذا إرادة مطلقة واختيار في عمله غير محدود، وان الترجيح بين ما يتعارض من الأعمال التي تعن له تكون بحسب علمه، وان العلم إذا لم يكن محيطا بوجوه المصالح والمنافع فقد يوجه الإرادة إلى خلاف المصلحة والحكمة، وذلك هو الفساد وهو معين لازم الوقوع لان العلم المحيط لا يكون إلا لله تعالى " (2).
ويبدو أن الرأي الأول هو الصحيح، حيث إنه تعالى لا بد وأنه قد أعلم الملائكة بحال وطبيعة هذا المخلوق الذي ينتهي به الحال إلى هذه النتائج.
وأما ما بين من هذه الطبيعة فلعل الصحيح هو بيان أمرين: أحدهما الخصوصية المادية التي أشار إليها العلامة الطباطبائي والهوى في طبيعة هذا الخليفة.
والاخر: هو أن هذا الانسان مريد ومختار يعمل بإرادته، كما ذكر الشيخ محمد عبدة، ويمكن أن نفهم ذلك من قرينة تعقيب الملائكة أنفسهم، الامر الذي استدعى التوضيح الإلهي الذي يشتمل على بيان الخصوصية التي تجعل هذا