إلى المعاناة الذاتية، ويشهد لذلك أن القصة تؤكد المواقف التي تظهر فيها انفعالات الرسول كما انها تؤكد ما ينعم به الله على الرسول خلال المجابهة، وحين ينتهي عرض دور الانفعال نجد القصة تنتقل إلى عرض الدور الاخر دون أن تقف عند المشاهد الأخرى، فهي مثلا تنتقل من العبور إلى المواعدة رأسا.
كما اننا حين نقارن بين هذا المورد الطويل من القصة والمورد السابق الطويل منها الذي جاء في سورة الأعراف، أو المورد الثالث الطويل منها الذي يأتي في سورة القصص نجد هذا المورد هو الوحيد بينها يؤكد بهذا التفصيل هذه الملامح لشخصية الرسول.
ثانيا: إن السبب الذي فرض على القصة هذا الأسلوب الخاص من العرض والتصوير واقتضى في نفس الوقت بعض التكرار هو مخاطبة الرسول وتخفيف الألم والعذاب النفسي اللذين كان يعانيهما تجاه الدعوة ويدلنا على ذلك ما لاحظناه في الامر الأول والثاني، حيث استهدف القرآن الكريم ابراز الصلة الوثيقة بين ما يعانيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في دعوته وبين ما كان الأنبياء السابقون يعانونه: (ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى * الا تذكرة لمن يخشى) (كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا).
الموضع الثاني عشر:
الآيات التي جاءت في سورة الشعراء والتي تبدأ القصة فيه بقوله تعالى: ﴿وإذ نادى ربك موسى ان ائت القوم الظالمين * قوم فرعون الا يتقون﴾ (١) والتي تختم بقوله تعالى: ﴿ان في ذلك لاية وما كان أكثرهم مؤمنين * وان ربك لهو العزيز الرحيم﴾ (2).
ويلاحظ في هذا المقطع القرآني من القصة الأمور التالية: