(وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك الا مبشرا ونذيرا) (1).
ثالثا: إن القرآن لم يشر في هذا المقطع من القصة الا إلى الآيات التسع التي جاء بها موسى، ورفض فرعون لدعوته ومصيره نتيجة لهذا الرفض.
ويمكن أن نستنتج من هذه الملاحظة:
أن القصة انما جاءت هنا شاهدا على أن هذه المطالب المتعددة التي صدرت من الكفار لم تكن بسبب حاجة نفسية يحسها هؤلاء الكافرون تجاه هذه المطاليب وانما هو أسلوب عام يتذرع به الكفار للتمادي في الضلال والاصرار عليه، والشاهد على ذلك قصة موسى (عليه السلام)، حيث جاء موسى بتسع آيات ومع ذلك فقد كان موقف فرعون منها موقف المكذبين، بالرغم من أن هذه الآيات التسع جاءت في أزمنة متعددة.
فالسياق هو الذي فرض الاتيان بالقصة على أساس الاستشهاد بها وهذا شئ تفرضه طبيعة الواقع التأريخي لرسالة موسى الذي أرسله الله سبحانه بالآيات التسع.
كما أن التكرار كان بسبب تأكيد مفهومين:
الأول: أن طلبات الكفار وتمنياتهم ليست نتيجة لواقع نفسي يدعوهم إلى الشك بالرسالة ويفرض عليهم التأكد من صحتها، ولا يكون عدم اتيان الرسول بمطاليبهم حينئذ بسبب فقدان صلته بالسماء، وانما بسبب كفاية القرآن الكريم لإقامة الحجة عليهم، كما دلت الآية الكريمة بعد القصة على ذلك.
الثاني: ان مصير هؤلاء المكذبين كمصير فرعون من الهلاك والهزيمة، وان اتباع النبي يصيرون إلى ما صار عليه بنو إسرائيل من وراثة الأرض.