عذابي لشديد * وقال موسى ان تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فان الله لغني حميد) (1).
ويلاحظ في هذا المقطع القرآني من القصة ما يلي:
أولا: إن القرآن الكريم قد مهد لهذه الإشارة بقوله: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم) (2).
ثانيا: إن القرآن يتحدث بعد هذا المقطع من القصة عن المفاهيم العامة التي كان يطرحها الرسل، والأساليب التي كانوا يسلكونها لتحقيق أغراضهم الرسالية.
ثالثا: إن الحديث عن القصة في المقطع جاء بشكل مختصر وقد أكد المشكلة العامة التي كان يعانيها الإسرائيليون، والنعمة العامة التي تفضل بها عليهم والدعوة لشكر النعمة وان الله لا يضره كفرانها.
ومن هنا يمكن أن نستنتج:
أن المقطع قصد به التمثيل على صدق الحقيقة التي أشار إليها القرآن الكريم من مجئ كل رسول بلسان قومه، حيث قد يراد بلسان القوم اللغة التي يتكلم بها القوم - كما لعله هو الظاهر - ولكن قد يراد من اللسان - كما يشير إليه السياق - هو الجوانب والمشاكل الاجتماعية والسياسية والانسانية المثيرة التي تستقطب اهتمام الأمة ونظرتها ومشاعرها، فيكون تأكيدها أسلوبا ولسانا لالفات نظر الأمة إلى الدعوة وقيمتها الروحية والاجتماعية، ولذا جاءت قصة موسى مثالا لهذه الحقيقة لأنه دعا لانقاذ قومه من مشكلة اجتماعية عامة كانوا يعانونها.
ولعل ما يؤكد هذا القصد هو أن العرض جاء بلسان الخطاب إلى القوم لا بلسان الحديث عن القضايا والاحداث.