3 - اضفاء الشرعية والحجية - في القول والعمل - على كل من عاصر النبي أو سمع منه ولو لمدة بسيطة أو في الأماكن العامة بحيث يكون مرجعا للمسلمين في الشؤون الدينية، استنادا إلى فكرة عدالة جميع هؤلاء الافراد على الاطلاق دون وضع أصول وضوابط في ذلك، مثل: الورع، والضبط، والاستيعاب، والاحاطة بالظروف الحالية والمقالية التي ورد فيها النص، أو حتى الاطلاع على النصوص الأخرى والمعالم المتعددة للسنة النبوية من أقوال وأفعال واقرار، والتي تلقي الضوء على مضمون النص أو تفسيره وتوضيحه وتبيينه، فكان شأن المسلمين حينذاك في كثير من الأحيان شأن من يحاول استنباط الأحكام الشرعية في العصور المتأخرة بمجرد الرجوع إلى رواية يجدها في أحد الكتب الحديثة دون الفحص عن الروايات الأخرى أو رجال الحديث الذين رووا هذه الرواية.
إن صحبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) شئ مقدس ولها نتائج وإيحاءات روحية ومعنوية عظيمة، ولكن اضفاء هذا العنوان على كل من عاصر رسول الله أو التقى به أو سمع منه، مع أن فيهم (المنافق الذي مرد على النفاق)، و (الاعرابي)، و (الساذج)، أو الذي خلط عملا صالحا بآخر سيئ، أو عرف من الاسلام مجرد مفاهيم عامة وشعارات وطقوس دون أن يدخل الايمان إلى قلبه أو يتربى على المعرفة والأخلاق والعقائد والآداب الاسلامية، أو دون أن يعرف التقوى حق المعرفة، أو كان ممن بقيت في أعماقه رواسب العادات والأخلاق الجاهلية والأفكار الوثنية.
إن وجود مثل هذه الأصناف في المجتمع الاسلامي الذي عاصر الرسول (صلى الله عليه وآله) حقيقة لا يمكن لاحد انكارها، حيث تحدث عنها القرآن الكريم والسنة النبوية والتأريخ الاسلامي، ودلت على هذه الحقيقة مجمل الاحداث والتصرفات والمواقف والسلوكيات التي صدرت عن هؤلاء المعاصرين.