فبالرغم من أن القرآن نزل هداية للعالمين، ومن أجل أن يرسم الطريق لكل البشرية، ولا يختص بقوم دون قوم، ولكن باعتبار أن الجماعة الأولى التي كان يراد مخاطبتها بالقرآن هم عرب، واستهدف القرآن الكريم أن يخلق ضمن هذه الجماعة القاعدة التي ينطلق منها الاسلام - كما أشرنا إلى ذلك سابقا - اقتضى ذلك نزول القرآن باللغة العربية، ولولا ذلك لأمكن ان نفترض - والله العالم - نزول القرآن بلغة أخرى، وبذلك ترتبط هذه الظاهرة بقضية الهدف التغييري، وإلا لأمكن أن نفترض أن الهداية والمضمون يمكن أن يعطيا بأي لغة أخرى.
ولما كانت ضرورات التغيير - الذي يريد القرآن أن يحققه في البشرية - اقتضت أن يكون منطلق هذا التغيير هو الجزيرة العربية (١)، لذا أصبح من الضروري أن يكون القرآن باللغة العربية للأسباب التالية التي أشار القرآن إلى بعضها في تفسير هذه الظاهرة:
أ - اللغة العربية عامل مؤثر في استجابة العرب الأوائل للقرآن:
إن القرآن لو نزل بغير اللغة العربية لكان من الممكن ان لا يستجيب العرب لهدايته ونوره بسبب حاجز (الانا) والتعصب الذي كان يعيشه العرب في الجاهلية، كما تشير إلى ذلك بعض الآيات القرآنية:
﴿لو نزلناه على بعض الاعجمين * فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين﴾ (2).
(ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من