مكان بعيد) (١).
ب - التفاعل الروحي أفضل مع لغة القوم:
إن التفاعل الروحي والنفسي الكامل مع الهداية والنور والمفاهيم القرآنية انما يتحقق إذا كان الكتاب بلغة القوم الذين يراد ايجاد التغيير الفعلي فيهم، لان إثارة العواطف والاحاسيس انما تكون من خلال التخاطب باللغة نفسها، وأما المضمون فهو يتفاعل مع العقل والتفكير المنطقي، وتبقى العواطف والاحاسيس محدودة على الأقل في مجال التفاعل وبعيدة عن التأثير.
ولعل هذا السبب يمثل خلفية السنة الإلهية في اختيار الأنبياء لكل قوم من أولئك الافراد الذين يتكلمون بلغة القوم نفسها، حتى تكون الحجة بهؤلاء الرسل أبلغ على أقوامهم، وحتى تكون قدرتهم على التأثير أكثر:
(وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم) (٢).
﴿وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير﴾ (3).
ج - التحدي انما يكون بلغة القوم:
إن القرآن الكريم كان معجزة ببيانه وأسلوبه - إضافة إلى المضمون - وهذا الجانب من الاعجاز لا يمكن ان يتحقق إلا إذا كان بلغة القوم، لان (التحدي) - الذي هو محتوى الاعجاز - انما يكون مقبولا إذا كان باللغة التي يتكلم بها الناس، وإلا فلا معنى لان نتحدى من يتكلم بلغة أن يأتي بكتاب من لغة أخرى: