ويبدو أنه قد أثير الجدل في مدة متأخرة عن هذا العصر حول صحة الاعتماد على نصوص اللغة العربية لمعرفة معاني القرآن وخصوصيات أسلوبه، وقد أشار السيوطي إلى ذلك في كلام نقله عن أبي بكر بن الأنباري، هذا نصه: " قد جاء عن الصحابة والتابعين كثيرا الاحتجاج على غريب القرآن ومشكله بالشعر، وأنكر جماعة لا علم لهم على النحويين ذلك، وقالوا إذا فعلتم ذلك جعلتم الشعر أصلا للقرآن، قالوا: وكيف يجوز ان يحتج بالشعر على القرآن وهو مذموم في القرآن والحديث؟!
قال: وليس الامر كما زعموه من أنا جعلنا الشعر أصلا للقرآن، بل أردنا تبيين الحرف الغريب من القرآن بالشعر، لان الله تعالى قال: ﴿انا جعلناه قرآنا عربيا...﴾ (١) وقال ﴿بلسان عربي مبين﴾ (2). وقال ابن عباس: " الشعر ديوان العرب، فإذا خفي علينا الحرف من القرآن الذي أنزله الله بلغة العرب رجعنا إلى ديوانها فالتمسنا معرفة ذلك منه " (3).
ففي هذا النص نجد ابن الأنباري يناقش المسألة على أساس طبيعة الموقف التفسيري، وتصرف الصحابة والتابعين الذين كانوا يعتمدون على نصوص اللغة العربية عند محاولتهم التعرف على المعاني القرآنية، ويستشهد بما روى عن ابن عباس في ذلك.
والشواهد العملية في حياة الصحابة وتفسيرهم على ذلك كثيرة، ويكفينا أن نذكر منها ما رواه السيوطي في الاتقان بسنده المتصل عن حميد الأعرج وعبد الله ابن أبي بكر بن محمد عن أبيه قالوا: