وهذا النحو من التفسير يختلف تماما عن فهم القرآن وتفسيره اعتمادا على الخلفية الذهنية والعقائدية الصحيحة للمفسر، لان هذا التفسير تفسير معتمد على رأي شخصي ووفق ظروف الشخص وأوضاعه، وأما ذلك فهو رأي وفهم للقرآن الكريم بقرينة العقيدة الصحيحة المأخوذة من القرآن ذاته، كما ذكرنا سابقا.
الثاني: أن يكون النهي الوارد على لسان الرسول (صلى الله عليه وآله) عن التفسير بالرأي هو معالجة لظاهرة برزت في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله) في تفسير القرآن وبشكل محدد، ثم تطورت وبشكل واسع حتى تكونت على أساسها مدارس في المجتمع الاسلامي.
حيث ورد النهي آنذاك عن البحث في تفسير الآيات العقائدية أو التأريخية تأثرا بالديانات السابقة، وفلسفاتها وتأريخها كاليهودية والنصرانية والبوذية وغيرها، الامر الذي أدى إلى ابتعاد بعض المسلمين عن المفاهيم القرآنية.
ونتيجة لذلك، فقد حاول بعض المسلمين الأوائل ان يفرضوا مثل هذه الآراء على القرآن، ويفسروا بها على خلاف مضمونه ومعناه الصحيح، متأثرين في ذلك بالمتبنيات الذهنية والفكرية والعقائدية المسبقة على القرآن: ﴿... وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه...﴾ (١).
﴿... يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به...﴾ (2).
ولا شك أن هذا النوع من التفسير يختلف عن تفسير القرآن على أساس العقائد المستنبطة من القرآن نفسه.
الثالث: وهو المعنى الذي ينسجم مع معنى (الرأي) في (مدرسة الرأي) في الفقه الاسلامي، ففي الفقه الاسلامي يوجد اتجاهان في (الاستنباط):
أحدهما: الاتجاه الذي يعتمد في الاستنباط وفهم الحكم الشرعي على القرآن