وعلى هذا الأساس كان النقد الذي وجهه أهل البيت إلى هذا الاتجاه أكبر من نقد المذاهب الفقهية الأخرى، والتي لم تلتزم بهذا الطريق الخطير في عملية الاستنباط وان كانت نتائجها غير صحيحة أيضا.
وحينئذ قد يراد من التفسير بالرأي هذ النوع من الرأي هو الاعتماد في فهم المضامين القرآنية على الذوق والاستحسان فيرى أن هذا النوع من المضمون هو الأقرب إلى النفس أكثر من غيره.
وفرق هذا الرأي عن الرأي الأول، هو أن الحالة الذاتية كان لها دور في فهم (تفسير اللفظ) في الرأي الأول، بينما كان لها دور في فهم و (تفسير المعنى، وتشخيص المصداق) بناء على هذا الرأي.
وعلى هذا الأساس نجد أن الكثير من المفسرين وقع في خطأ حينما فسروا بعض مفاهيم القرآن، متأثرين بكثير من القضايا الغربية التي أنشأت في أنفسهم استحسانات معينة، ففسروا آية الشورى مثلا تفسيرا يجعل مفهوم الشورى في الاسلام مفهوما مطابقا لمفهوم (الديمقراطية) أو الانتخابات البرلمانية الغربية، وهكذا.
إن هذا النوع من الاستحسان والقياس والاعتماد على الجانب الشخصي في تفسير (المعنى) هو في الواقع من تفسير القرآن بالرأي، ومن ثم يكون واقعا في طريق النهي الوارد بخصوص التفسير بالرأي.
وهذا الاحتمال الثالث لا يكون متضاربا مع ما ذكرناه من صحة تفسير القرآن اعتمادا على الخلفية العقائدية الصحيحة، لان هذه العملية ليست عملية استحسان وقياس، وانما هي تصورات عقائدية مأخوذة من القرآن الكريم ومفاهيمه.
وقد حاول بعض المفسرين ان يعطي لقضية (التفسير بالرأي) ومفهوم (الرأي) دائرة أوسع، بحيث تشمل كل جهد يمارسه الانسان الباحث والمفسر العالم في فهمه للقرآن الكريم، ويفترض بأن هذه النتائج هي (رأي)، لأنه انتهى