ويضيف القرآن مختتما هذه الآية المباركة: وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما.
بديهي أن أوصاف أصحاب النبي التي وردت في بداية الآية محل البحث جمعت فيها الإيمان والعمل الصالح، فتكرار هذين الوصفين إشارة إلى استمرارهما وديمومتهما: أي أن الله وعد أولئك الذين بقوا على نهجهم من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) واستمروا بالإيمان والعمل الصالح، وإلا فإن من كان يوما مع النبي ويوما آخر مع سواه وعلى خلاف طريقته فلا يشملون بهذا الوعد أبدا.
والتعبير ب " منهم " مع الالتفات إلى هذه المسألة، وهي أن الأصل في كلمة " من " في مثل هذه الموارد التبعيض، وظاهر الآية يعطي هذا المعنى أيضا، وهذا التعبير يدل على أن أصحاب النبي ينقسمون قسمين - فطائفة منهم - يواصلون إيمانهم وعملهم الصالح وتشملهم رحمة الله الواسعة وأجره العظيم، وطائفة يحيدون عن نهجه فيحرمون من هذا الفيض العظيم!...
وليس معلوما السبب في إصرار بعض المفسرين على أن " من " في كلمة " منهم " بيانية حتما، في حين لو ارتكبنا خلاف الظاهر وقلنا إن من هنا بيانية فكيف يمكن أن ندع القرائن العقلية هنا، فلا أحد يدعي أبدا أن جميع أصحاب النبي معصومون وفي هذه الصورة يزول احتمال أن كل واحد منهم بقي على عمله الصالح وإيمانه، ومع هذه الحال فكيف يعدهم الله بالمغفرة والأجر العظيم دون قيد وشرط سواء عملوا الصالحات في طول مسيرتهم، أو أن يعملوا الصالحات في وقت، ثم ينحرفوا من منتصف الطريق!...
وهذه اللطيفة تستدعي الالتفات وهي أن جملة: والذين معه لا تعني المرافقة الجسدية مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمصاحبة الجسمانية لأن المنافقين كانوا على هذه الشاكلة أيضا... بل المراد من " معه " هو المعية من جهة أصول الإيمان