لقد كان كل قوم من أولئك عبرة، وكان كل منهم شاهدا ناطقا معبرا، يسأل: كيف لا يستيقظ هؤلاء ولا يعون مع كل وسائل التوعية هذه؟!
ثم تضيف الآية بعد ذلك: وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون فتارة أريناهم المعجزات وخوارق العادات، وأخرى أنعمنا عليهم، وثالثة بلوناهم بالبلاء والمصائب، ورابعة عن طريق وصف الصالحين المحسنين، وأخرى بوصف المجرمين، وأخرى وعظناهم بعذاب الاستئصال الذي أهلكنا به الآخرين. إلا أن الكبر والغرور والعجب لم يدع لهؤلاء سبيلا إلى الهداية.
وتوبخ الآية الأخيرة من هذه الآيات هؤلاء العصاة، وتذمهم بهذا البيان: فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة (1).
حقا، إذا كانت هذه آلهة على حق، فلماذا لا تعين أتباعها وعبادها وتنصرهم في تلك الظروف الحساسة، ولا تنقذهم من قبضة العذاب المهول المرعب؟ إن هذا بنفسه دليل محكم على بطلان عقيدتهم حيث كانوا يظنون أن هذه الآلهة المخترعة هي ملجأهم وحماهم في يوم تعاستهم وشقائهم.
ثم تضيف: بل ضلوا عنهم فإن هذه الموجودات التي لا قيمة لها ولا أهمية، والتي ليست مبدأ لأي أثر، ولا تأتي بأي فائدة، وهي عند العسر صماء عمياء، فكيف تستحق الألوهية وتكون أهلا لها؟
وأخيرا تقول الآية: وذلك إفكهم وما كانوا يفترون فإن هذا الهلاك والشقاء، وهذا العذاب الأليم، واختفاء الآلهة وقت الشدة والعسر، كان نتيجة لأكاذيب أولئك وأوهامهم وافتراءاتهم (2).
* * *