حيث يقول الباري عز وجل: أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار.
وعلى كل حال، فظاهر الآية هو التمييز في العرض بين المجرمين والمؤمنين، وإن كان بعض المفسرين قد احتمل إحتمالات أخرى من جملتها: تفريق صفوف المجرمين أنفسهم إلى مجموعات فيما بينهم، أو انفصال المجرمين عن شفعائهم ومعبوداتهم، أو انفصال المجرمين كل واحد عن الآخر، بحيث يكون ذلك العذاب الناتج عن الفراق مضافا على عذاب الحريق في جهنم.
ولكن شمولية الخطاب لجميع المجرمين، ومحتوى جملة " وامتازوا " تقوي المعنى الأول الذي أشرنا إليه.
الآية التالية تشير إلى لوم الله تعالى وتوبيخه المجرمين في يوم القيامة قائلا:
ألم أعهد إليكم بابني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين.
إن هذا العهد الإلهي أخذ على الإنسان من طرق مختلفة، وكرر على مسمعه مرات ومرات: يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يريكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون (1) جرى هذا التحذير وبشكل متكرر على لسان الأنبياء والرسل: ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين (2) وكذلك في الآية (168) من سورة البقرة نقرأ: ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين.
ومن جانب آخر فإن هذا العهد اخذ على الإنسان في عالم التكوين، وبلسان إعطاء العقل له، إذ أن الدلائل العقلية تشير بشكل واضح إلى أن على الإنسان أن