الموجودات الأرضية والسماوية مسخرة ومطيعة له بأمر الله تعالى، ومع كل هذا التسخير فليس من الإنصاف أن يعصي الله سبحانه ولا يطيع أوامره (1).
وجملة كل يجري لأجل مسمى إشارة إلى أن هذا النظام الدقيق لا يستمر إلى الأبد، بل إن له نهاية بانتهاء الدنيا، وهو ما ذكر في سورة التكوير: إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت....
إن ارتباط جملة إن الله بما تعملون خبير بهذا البحث سيتضح بملاحظة ما قلناه آنفا، لأن الله الذي جعل الشمس والقمر العظيمين خاضعين لنظام دقيق، وعاقب بين الليل والنهار بذلك النظام الخاص آلاف وملايين السنين، كيف يمكن أن تخفى عليه أعمال البشر؟ نعم.. إنه يعلم الأعمال، وكذلك يعلم النيات والأفكار.
وتقول الآية الأخيرة، كاستخلاص نتيجة جامعة كلية ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير (2).
إن مجموع البحوث التي وردت في الآيات السابقة حول كون الله خالقا ومالكا، وعن علمه وقدرته اللا متناهيين، أثبتت هذه الأمور، وأن الحق هو الله وحده، وكل شئ غيره زائل وباطل ومحدود ومحتاج، والعلي والكبير الذي يسمو على كل شئ، ويجل عن كل وصف، هو ذاته المقدسة، وعلى قول الشاعر:
ألا كل شئ ما خلا الله باطل * وكل نعيم لا محالة زائل ويمكن إيضاح هذا الكلام بالتعبير الفلسفي كما يلي: